القتل) لشموله ظاهرا شتم كل من صلى عليه من ملائكة وغيرهم (وَتَوَقَّفَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ فِي قَتْلِ رَجُلٍ قال كلّ صاحب فندق) وهو بضم الفاء وسكون النون وداله المهملة تضم وتفتح الخان في عرف أهل مصر وهو موضع يأوي إليه الغرباء كالتجار من المسافرين ومن ليس له قريب من المجاورين (قرنان) بفتح القاف فعلان وهو نعت سوء في الرجل وهو الذي يتغافل عن فجور امرأته وابنته وأخته وقرابته وهو المسمى بالديوث وقيل المراد به القواد (ولو كان نبيّا مرسلا) ولعل وجه توقفه أنه حمل كلامه على قصد المبالغة العرفية الشاملة للأمور المحالية (فأمر) أي القابسي (بشدّة) أي ربطه (بالقيود) أي الوثيقة (والتّضييق عليه) بالإنكال الثقيلة (حتّى يستفهم البيّنة) أي يستخبر ما يبين أمره ويعين حاله الصادرة (عن جملة ألفاظه) أي كلماته في محاروته (وما يدلّ على مقصده) أي ارادته (هل أراد أصحاب الفنادق الآن) أي في ذلك الزمان (فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ فَيَكُونُ أمره أخف) إذ يمكن حمله على المبالغة وإرادة اعتقاده أنه من المحال فتعزيره أخف في مقام التنكيل ويمكن حمله على أن يجوز كون نبي مرسل يظهر بعد نبينا عليه الصلاة والسلام فيكون أمره اشد ولهذا قال بعض علمائنا أن من ادعى النبوة فقال له قائل اظهر المعجزة كفر (قال) أي القابسي (وَلَكِنْ ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْعُمُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ كَانَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ من الأنبياء والرّسل من اكتسب المال) وفيه أن بعض الأنبياء والرسل وإن كانوا من أصحاب الأموال لكنهم لم يعرف مساكنهم في الخانات وعلى تقدير التنزل فالكلام إنما هو في تجويز صدور مثل هذا الفعل الشنيع والعمل الفظيع من النبي المرسل فتأمل فإنه من مواضع الزلل ولقد زل قلم الدلجي في قوله هنا فلعل أحدا منهم بنى فندقا لله تنزله المارة انتهى وفيه أن الكلام ليس فيمن بنى المقام وإنما المراد بصاحب الخان خادم أهله وحافظ جمعه وحاشا مقام الرسل والأنبياء عن مثل هذه الأشياء (قال) القابسي (ودم المسلم لا يقدم عليه) أي على سفكه (إلّا بأمر بيّن) كما قال عليه الصلاة والسلام لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة رواه الشيخان وفي الجواهر من كتب أصحابنا من قال قتل فلان حلال أو مباح قبل أن يعلم منه ردة أو قتل نفس بآلة جارحة عمدا على غير حق أو يعلم منه زنا بعد احصان كفر (وما تردّ إليه التّأويلات) أي وما يتصور فيه الاحتمالات (لا بدّ من إمعان) وروي انعام (النّظر) أي أعماق التأمل والتفكر (فيه) أي في أمره ليظهر الوجه المرجح في حقه (هذا معنى كلامه) أي كلام القابسي لا لفظه ومبناه وقال التلمساني ما ذكره القاضي من أن الأنبياء كانوا ذوي أموال قلنا وإن أراد به صاحب المال فبين وإن أراد به الحافظ والأمين فلا يوجد نبي فعل ذلك لأنه من أعظم النقائص فيكون معنى ذلك أنه مثل كذا فهو كالاول لأنه عيب ووصم في سائر الناس فما بالك بالأنبياء فيقتل قائل ذلك لأنه شبه الكامل بالناقص وفي تشبيهه الكامل بالناقص نقص ولم يبق إلا سائر الناس فعليه في ذلك الأدب الشديد لأن فيهم عالما ووليا وأذية سائر المسلمين توجب العقوبة والتعزير على قدر