للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصر الخلافة ثم قدمت عليه زبيدة أمه من الرقة ومعها خزائن الرشيد فتلقاها ابنها الأمين بالإقبال ومعه جميع وجوه بغداد وقضاياه مشهورة قتل سنة ثمان وتسعين ومائة وكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر وكسرا (وتشبيهه) أي أبي نواس (إيّاه) أي محمد الأمين (بالنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قال) وفي نسخة في الشعر

(تنازع الأحمدان الشّبه فاشتبها) ... أي تشابها (خلقا وخلقا كما قدّ الشّراكان)

الشبه بكسر الشين وسكون الموحدة لغة في شبه بفتحتين والخلق بفتح أوله ظاهر الخلقة وبضمه باطنها وأراد بها الصورة والسيرة يقال هذا شبه وشبهه أي شبيهة وقد يضم القاف وتشديد الدال المهملة أي قطع وقدر والشراك بكسر الشين سير النعل وأراد المبالغة في استوائهما في الفضل وهذا كفر صريح ليس له تأويل صحيح إلا أن يدعى أنه أراد بالأحمد غير محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكأنه عدل عن المحمدين إلى الأحمدين ليستقيم الوزن ولعله أراد بالسيرة صفة الأمانة ولكن بين الأمينين بون بين وإنما حمله على مقاله صورة موافقة الاسمين والوصفين (وقد أنكروا) أي العلماء أو الأمراء أو هما جميعا (أيضا عليه قوله) أي على أبي نواس وفي نسخة على الآخر وهو أصل التلمساني وقال هكذا روي وصوابه عليه لأنه قوله وقال الحلبي وفي نسخة على الآخر وفي نسخة عليه وهو الصحيح إذ قد صرح السهيلي في روضه بأنه من قول أبي نواس (كيف لا يدنيك من أمل) أي كيف لا يقربك من رجائك (من رسول الله من نفره) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية أي رهطه وعشيرته وقرابته وأما إطلاق النفر على الخادم فحادث وإنما انكروا عليه (لأن حقّ الرسول) أي رسول الله (وموجب تعظيمه) بفتح الجيم أي مقتضى تكريمه وأبعد الدلجي فقال بكسر الجيم أي ما يوجب ترغيبا في تعظيمه (وإنافة منزلته) أي رفعة مرتبته (أن يضاف) أي ينسب غيره (إليه) أي إلى شرف نسبه وكريم حسبه (ولا يضاف) أي هو إلى أحد وفي نسخة إلى غيره وإلا فالإضافة النسبية وغيرها كلها تشبيه وقد يعذر قائله بصيغة القلب كما في قولهم عرضت الناقة على الحوض لا سيما في ضرورة الشعر إلا أنه في حقه عليه الصلاة والسلام لا يعذر بمثل هذا الكلام وحكي عن علي بن الأصفر وكان من رواة أبي نواس قال لما عمل أبو نواس قصيدة:

أيها المنساب عن عفره ... أنشدنيها فلما بلغ قوله

كيف لا يدنيك من أملي ... من رسول الله من نفره

وقع لي أنه كلام مستهجن في غير موضعه إذ كان حق رسول الله أن يضاف إليه ولا يضاف هو إلى أحد فقلت له أعرفت عيب هذا البيت قال ما يعيبه إلا جاهل بكلام العرب إنما أردت أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من القبيل الذي هو المدوح أما سمعت قول حسان بن ثابت شاعر دين الإسلام:

<<  <  ج: ص:  >  >>