من المؤمنين (وإن كان ذلك) الذي ذكر من السرقة والقتل (حلالا عندهم) وأما تمثيل الدلجي بحد الزنا جلدا أو رجما فليس في محله فإنه لم يختلف أحد منا ومنهم في تحريمه (فكذلك سبّهم للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يقتلون به) وفيه أنه نوع كفر مندرج في جنس كفرهم لا أنه فرع من جملة الأحكام المختصة بهم أو الشاملة لهم ولغيرهم (ووردت لأصحابنا) المالكية (ظواهر تقتضي الخلاف) في قتل الذمي وعدمه (إذا ذكره) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (الذّمّيّ بالوجه الّذي كفر به) الذمي كتكذيبه النبوة أو الرسالة العامة (ستقف عليها) أي على تلك الظواهر (مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ سُحْنُونٍ بَعْدُ) أي بعد ذلك (وحكى أبو المصعب) بصيغة المعلوم (الخلاف فيها) أي في الظواهر قاله الدلجي والصواب في المسألة (عن أصحابه المدنيّين) قال الحلبي هو أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف أبو مصعب الزهري المدني الفقيه قاضي المدينة يروي عن مالك (واختلفوا) أي المالكية (إذا سبّه) أي الذمي (ثُمَّ أَسْلَمَ فَقِيلَ؛ يُسْقِطُ إِسْلَامُهُ قَتْلَهُ لِأَنَّ الإسلام يجبّ ما قبله) كما في حديث صحيح أي يقطع ويمحو ما كان قبله من كفر ومعصية وفي رواية الإسلام يهدم ما قبله قالوا معناه يهدم الإسلام ما كان قبله على الإطلاق مظلمة كانت أو غيرها كذا ذكره الانطاكي (بخلاف المسلم إذا سبّه ثمّ تاب) فإنا نقتله حدا لا كفرا (لأنّا نعلم باطنة الكافر) أي معتقده قال الحجازي وروي الكفر أقول ولا وجه له (في بعضه له وتنقّصه بقلبه لكنّا منعناه) أي الذمي (من إظهاره فلم يزدنا ما أظهره) من السب وغيره (إِلَّا مُخَالَفَةً لِلْأَمْرِ وَنَقْضًا لِلْعَهْدِ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ دِينِهِ الْأَوَّلِ إِلَى الْإِسْلَامِ سَقَطَ مَا قبله) مما كان يلام؛ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الْأَنْفَالِ: ٣٨] وَالْمُسْلِمُ بِخِلَافِهِ إِذْ كَانَ ظَنُّنَا بِبَاطِنِهِ حُكْمَ ظاهره وخلاف ما بدا) بالألف أي ظهر (عنه الآن فلم نقبل بعد) أي بعد ذلك (رجوعه) بالتوبة وفيه أن كفره ساعة كيف يكون أشد من كفر سنين مع أنه لا عبرة بظننا إذ يحتمل أنه كان كافرا ويتستر وما صح له الإيمان المعتبر ولهذا قال بعض العارفين الإيمان إذا دخل القلب أمن السلب وقال بعضهم الذي رجع ما رجع إلا من الطريق ويشير إليه قوله تعالى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها أي لا انقطاع (ولا استأمنا) أي لم يظهر لنا الأمن (إلى باطنه) وفي بعض النسخ ولا استنمنا أي ما اطمأننا إلى باطنه يقال استنام إليه أي سكن واستأنس فاندفع قول الأنطاكي إنه لا معنى له ولعله تصحيف وقال الدلجي أي ولا ارتفعنا إلى ذروة سنام باطنه ولا اطلعنا عليه قلت وكذلك الحال بالنسبة إلى الكافر الأصلي إذا اسلم إذ يحتمل أن يكون منافقا أو لم يوجد فيه شرط من شروط صحة الإيمان والله المستعان (إذ قد بدت سرائره) أي ظهرت ضمائره بخلاف ظننا به (ما ثبت عليه) أي على المسلم (من الأحكام باقية عليه لم يسقطها شيء) قلت فينبغي أن يكون أقرب إلى القبول من الكافر الأصلي (وَقِيلَ لَا يُسْقِطُ إِسْلَامُ الذِّمِّيِّ السَّابِّ قَتْلَهُ لأنّه حقّ للنبيّ صلى الله