يجعلكم مثله رسلا (ففي هذا الأدب الموجع) الرادع (والسّجن الطّويل) الوازع إذا ليس فيه تلويح إلى نفي رسالته ولا تصريح (قال) أي ابن القاسم (وأمّا إن) وفي نسخة من (شتم النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم شتما يعرف) تصريحا لا يكون تلويحا (فَإِنَّهُ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَالَهُ مَالِكٌ غير مرّة) أي كثيرا (ولم يقل يستتاب) أي يعرض عليه الإسلام (قال ابن القاسم ومحمل قوله) أي قول مالك إلا أن يسلم (عندي إن أسلم طائعا) أي من غير أن يقال له اسلم وإلا تقتل، (وَقَالَ ابْنُ سُحْنُونٍ فِي سُؤَالَاتِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ فِي الْيَهُودِيِّ يَقُولُ لِلْمُؤَذِّنِ إِذَا تَشَهَّدَ) أي بالرسالة (كَذَبْتَ يُعَاقَبُ الْعُقُوبَةَ الْمُوجِعَةَ مَعَ السِّجْنِ الطَّوِيلِ) وفيه أنه مخالف لما سبق من أن الذمي لو نفى النبوة أو الرسالة يقتل اللهم إلا أن يقال هذا تلويح لا تصريح إذ الخطاب مع المؤذن فيحتمل أن يراد تكذيبه وإنما قيدنا الشهادة بالرسالة لأنه لو كذب التوحيد يصير حربيا فيقتل إلا أن يسلم (وفي النّوادر) لابن أبي زيد (من رواية سحنون عنه) أي عن مالك (مَنْ شَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ الوجه الّذي به كفروا) أي به فاندفع قول الحلبي لو قال كفر لكان أولى ثم لا يخفى أن من مفرد مبنى وجمع معنى فليس أحد من الاستعمالين أولى قال الله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (ضربت عنقه) بصيغة المجهول (إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ فإن قيل لم قتلته) أي أمرت بقتل الذمي (في سبّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم ومن دينه سبّه وتكذيبه) جملة حالية (قيل) أي في جوابه (لأنّا لم نعطهم العهد) أي الذمة والأمان (على ذلك) أي على إظهاره (ولا على قتلنا وأخذ أموالنا) بل على الكف عن ذلك وبذل الجزية مع المذلة هنالك (فإذا قتل) ذمي (واحدا) أي منا كما في نسخة (قتلناه) أو أخذ مالا منا أخذناه منه (وإن كان من دينه استحلاله) أي عده حلالا (فكذلك إظهاره لسبّ نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم) موجب لقتله وإن كان معتقدا لحله (قَالَ سُحْنُونٌ كَمَا لَوْ بَذَلَ لَنَا أَهْلُ الحرب) أي ولو من أهل الكتاب (الْجِزْيَةَ عَلَى إِقْرَارِهِمْ عَلَى سَبِّهِ لَمْ يَجُزْ لنا ذلك في قول قائل) من العلماء (كَذَلِكَ يَنْتَقِضُ عَهْدُ مَنْ سَبَّ مِنْهُمْ وَيَحِلُّ لنا دمه) الظاهر أنه إذا أخذ عليه العهد بعدم سبه حتى يصح قوله ينتقض (وكما لَمْ يُحْصِنِ الْإِسْلَامُ مَنْ سَبَّهُ مِنَ الْقَتْلِ كذلك لا تحصّنه الذّمّة) وهذا قياس مع الفارق ولذا لم يقل به جمهور الأمة وأغرب الدلجي بقوله بل أولى هذا (قال القاضي أبو الفضل) أي المنصف (ما ذكره ابن سحنون عن نفسه) أي أولا (وعن أبيه) ثانيا (مخالف لقول ابن القاسم فيما خفّف) وفي نسخة يخفف (عقوبتهم فيه ممّا به كفروا فتأمّله) ليظهر لك ترجيح أحد الوجهين (ويدلّ على أنه) أي ما قاله ابن سحنون عنه وعن أبيه (خلاف ما روي عن المدنيّين) من أصحاب مالك (في ذلك فحكى) قال التلمساني صوابه كما في نسخة ما حكى (أبو المصعب الزّهريّ قال أتيت) بضم الهمزة وتاء المتكلم (بِنَصْرَانِيٍّ قَالَ وَالَّذِي اصْطَفَى عِيسَى عَلَى مُحَمَّدٍ فاختلف) أي الرأي (عليّ) أي عندي (فيه) أي في أمره (فضربته) أي ضربا وجيعا (حتّى قتلته أو عاش) بعد ضربه (يوما وليلة وأمرت