للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الاراك لحاجة له فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه فقلت له يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أزواجه قال تلك حفصة وعائشة رضي الله تعالى عنهما قال فقلت والله إني كنت لاريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما استطيع هيبة لك قال فلا تفعل ما ظننت أن عندي منه علما فاسألني فإن كان لي علم أخبرتك به هذا وذهبت طائفة من العلماء إلى أن ذلك كان في قضية مارية القبطية وذلك أن المقوقس أهداها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سرية فلما كان بعض الأيام وهو يوم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما جاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مارية فواقعها فجاءت حفصة فوجدتهما فأقامت خارج البيت حتى أخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مارية وذهبت فدخلت خفصة غير متغيرة فقالت يا رسول الله أما كان في نسائك أهون عليك مني أفي بيتي وفراشي فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مرضيا لها أيرضيك أن أحرمها فقالت: نعم قال: فإني قد حرمتها ثم قال لا تخبري بهذا أحدا وخرج عنها فقرعت الجدار الذي بينها وبين عائشة وأخبرتها بذلك لتسرها ولم تر في افشائه لها حرجا واستكتمتها ذلك فنزلت الآية وهي قوله تعالى وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً إلى قوله تَعَالَى وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ واختلفوا هل حرمها بيمين أو لا على قولين فقال قتادة والحسن والشعبي حرمها بيمين وقال غيرهم لم يحرمها بيمين ويروى ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وذهبت طائفة إلى أن تظاهرهما عليه إنما كان في قصة شربه صلى الله تعالى عليه وسلم العسل في بيت زينب بنت جحش وذلك أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يمكث عندها فتسقيه عسلا قالت عائشة رضي الله عنها فتواطأت أو قالت فتواصيت أنا وحفصة على أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أو أكلت مغافير وهو شجر كريه الرائحة فدخل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على إحديهما فقالت له ذلك فقال بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له واستكتمتها ذلك فأخبرت به عائشة فنزلت يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ يعني العسل لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم ولن أعود له إلى قوله سبحانه وتعالى إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ الآية والوجه الأول هو قول أكثر العلماء وروي مرسلا عن زيد بن أسلم من طرق صحاح رواه ابن وهب عن مالك رضي الله تعالى عنه قال حرم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أم إبراهيم رضي الله عنهما فقال هي حرام فأنزل الله في ذلك سورة التحريم وأما الوجه الثاني فبه تواردت الأحاديث الصحيحة وأخرجه البخاري عن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله تعالى عنها بنحو ما سبق وقال فيه إنه شرب عند زينب عسلا كما تقدم وجاء في صحيح مسلم أنه شرب عند حفصة وأن اللتين تظاهرتا عليه هما عائشة وسودة رضي الله تعالى عنهما وأكثر المحدثين على ما في البخاري والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>