في الطريق مستوى في حد كفره (فليس بعارف به) أي بوجوده سبحانه وتعالى (وهو كافر) حيث لم يفرق بين وجود واجب الوجود وبين وجود الحادث في مقام الشهود ومن هنا أكثر من سائر أهل الكفر والعناد (ولمثل هذا) المقال المروي عن الأشعري من عدم تكفير المبتدعة من أهل القبلة (ذهب أبو المعالي) وهو إمام الحرمين رحمه الله تعالى وهو من أكابر الشافعية (في أجوبته لأبي محمّد عبد الحقّ) أي الاشبيلي ذكره الدلجي وقال الحلبي هذا ليس الإشبيلي الحافظ صاحب الأحكام بل آخر غيره ولد سنة عشر وخمسمائة ومات سنة إحدى وثمانين وخمسائة وولد إمام الحرمين سنة تسع عشرة وأربعمائة ومات بنيسابور سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فالإمام توفي قبل مولد عبد الحق الحافظ صاحب الأحكام بما ترى قال ورأيت في نسخة ما لفظه ولمثل هذا ذهب أبو الوليد سليمان رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَجْوِبَتِهِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الحق وهذا أيضا لا يصح أن يكون عبد الحق الحافظ الإشبيلي وذلك لأن أبا الوليد سليمان بن خالد الباجي توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة وعبد الحق ولد سنة عشر وخمسمائة وقيل سنة أربع عشرة فلا يصح ذلك والله تعالى اعلم وعبد الحق الذي جاوبه أبو المعالي لم أعرفه إلى الآن انتهى وقال التلمساني هو عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي مات سنة ست وستين وأربعمائة (وكان) أي والحال أن أبا محمد (سأله عن المسألة) التي ميل الأشعري فيها إلى عدم التكفير أكثر (فاعتذر له بأن الغلط فيها) أي في المسألة بالقول بالتكفير وعدمه (يصعب) أي يعسر جدا (لأنّ إدخال كافر في الملّة) الإسلامية (وإخراج مسلم عنها عظيم في الدّين) والثاني أصعب من الأول فتأمل ولعله عليه الصلاة والسلام من أجل هذا قال أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار (وقال غيرهما) أي الأشعري وأبي المعالي (من المحقّقين الّذي) مبتدأ أي القول الذي (يجب) أي يقال (هو الاحتراز من التّكفير في أهل التّأويل) وإن كان تأويلهم خطأ في فهم التنزيل (فإنّ استباحة دماء) المصلين (الموحّدين) الصائمين المزكين القارئين للكتاب التابعين للسنة في جميع الأبواب (خطر) بفتحتين أي ذو خطر ويجوز أن يكون بفتح فكسر (وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ أَلْفِ كَافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الخطأ في سفك محجمة) بكسر الميم الأولى وهي آلة الحجامة (من مسلم) وفي نسخة من دم مسلم (واحد) وقد قال علماؤنا إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى ابقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه وهو مستفاد من قوله عليه السلام ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة رواه الترمذي وغيره والحاكم وصححه (وقد قال عليه الصلاة والسلام) كما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك وفي رواية (فإذا قالوها يعني الشّهادة) أي جنسها (عصموا) بفتح الصاد أي حفظوا (مني دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها)