أمة الدعوة (بِخِلَافِ لَفْظَةِ مِنَ الَّتِي هِيَ لِلتَّبْعِيضِ وَكَوْنِهِمْ مِنَ الْأُمَّةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ أبي ذرّ) أي الغفاري (وعليّ) أي ابن أبي طالب (وأبي أمامة) سهل بن حنيف كذا قاله الدلجي وقال الحلبي تقدم أنه صدي بن عجلان الباهلي (وغيرهم في هذا الحديث) أي حديث الخوارج (يخرج من أمتي، وسيكون من أمتي) ونحوهما مما هو ظاهر في كونهم منهم، (وحروف المعاني مشتركة) في معانيها ينوب بعضها عن بعض في مبانيها فإذا كانت مشتركة (فلا تعويل) أي لا اعتماد (على إخراجهم من الأمّة بفي ولا على إدخالهم فيها بمن) أي بمجردهما لاحتمال كل منهما أنها وقعت في موضع أختها فقوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أي فيه ويقال هذا ذراع في أرض كذا أي منها (لَكِنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَادَ ما شاء) أي فيما أفاد (في التّنبيه الّذي نبّه عليه) أي على إخراجهم من الأمة بظاهر في دون من لأنهم ليسوا منهم (وهذا) التعبير بفي دون من من أبي سعيد (مِمَّا يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ فِقْهِ الصَّحَابَةِ وَتَحْقِيقِهِمْ للمعاني) بإيراد ألفاظها الدالة عليها بدون احتمال إلى غيرها (واستنباطها) أي اخراجها من القوة إلى الفعل (من الألفاظ) الموضوعة لها الدالة عليها (وتحريرهم لها وتوقّيهم في الرّواية) وفيه أن هذا يوهم أن الصحابي له التصرف في الفاظ النبوة من الرواية فيعبر بها كما يظهر له من الدراية وقد اختلف أرباب الأصول في نقل الحديث بالمعنى والتصرف في المبنى والمحتاطون منعوه بالكلية والمحققون جوزوه عند الضرورة بالنسيان في أصل الرواية على أن أبا سعيد وقع شاذا في هذه الرواية بالنسبة إلى بقية الصحابة الذين هم أقوى منه في باب الدراية لا سيما عليا كرم الله وجهه المبتلى بمقاتلتهم ومحاربتهم ومباغضتهم (هَذِهِ الْمَذَاهِبُ الْمَعْرُوفَةُ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الفرق) المختلفة كالمعتزلة والشيعة (فيها) وفي نسخة عليها (مقالات كثيرة مضطربة) أي مختلة مختلفة (سخيفة) أي خفيفة ضعيفة (أقربها قول جهم) بن صفوان من المعتزلة (ومحمد بن شبيب) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة الأولى وهو منهم أيضا على ما ذكره الدلجي قال التلمساني وهو الخارجي من المرجئة من جمع بين الأرجاء في الإيمان وبين القول في القدر (إنّ الكفر بالله) هو (الْجَهْلُ بِهِ لَا يَكْفُرُ أَحَدٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ) أي بغير الجهل به وجودا ذكره الدلجي وفيه أنه يلزم منه أن لا يوجد في الكون كافر إلا الدهرية فقد قال تعالى في حق عبدة الأصنام وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وما جاء الأنبياء إلا للتوحيد لا لمجرد إثبات وجوده تعالى ولهذا أمروا الخلق بأن يقولوا لا إله إلا الله لا بمجرد أن الله موجود ومع هذا من أتى بالوحيد ولم يقر بالأنبياء أو اقر ببعض الأنبياء ولم يقر صلى الله تعالى عليه وسلم ورسالته كأهل الكتاب فلا شك أنه كافر بالإجماع فكيف قائلة يكون من المبتدعة وإن هذا أقرب أقوالهم (قال أبو الهذيل) بالتصغير وهو العلاف البصري شيخ المعتزلة توفي سنة ست وعشرين ومائتين وقد نيف على المائة (إِنَّ كُلَّ مُتَأَوِّلٍ كَانَ تَأْوِيلُهُ تَشْبِيهًا لِلَّهِ بخلقه) كبعض المجسمة (وتجويرا) أي ظلما له (في فعله) على خلقه (أو تكذيبا لِخَبَرِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَكُلُّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا