للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقد قتل عبد الملك بن مروان) أي ابن الحكم بن أبي العاص بن أبي أمية كان معاوية جعله على ديوان المدينة وهو ابن ست عشرة سنة وولاه أبوه مروان هجر ثم جعله خليفة بعده وكانت خلافته بعد أبيه سنة خمس وستين توفي عبد الملك بدمشق سنة ست وثمانين (الحارث) أي ابن سعيد (المتنبّي) الكذاب (وصلبه وفعل ذلك) أي مثل ذلك (غير واحد من الخلفاء) أي من بني أمية والعباسيين (والملوك) المتغلبين من الأمراء والسلاطين (بأشباههم) من الشياطين (وأجمع علماء وقتهم على تصويب فعلهم والمخالف في ذلك) الفعل (من كفرهم) أي من جهته (كافر) لجحده كفرهم (وأجمع فقهاء بغداد أيّام المقتدر بالله) جعفر بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن طلحة الموفق بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد (من المالكيّة) بيان لمن أجمع من فقهاء بغداد (وَقَاضِي قُضَاتِهَا أَبُو عُمَرَ الْمَالِكِيُّ عَلَى قَتْلِ الحلّاج) وهو حسين بن منصور الحلاج المشهور من أهل البيضاء بلدة بفارس ونشأ بواسط والعراق صحب ابا القاسم الجنيد وغيره (وصلبه لدعواه الإلهيّة والقول بالحلول) كغيره من المتصوفة المتصفة بسمة الإسلام من الوجودية وغيرهم قالوا إن السالك إذا وصل فربما حل الله فيه كالماء في العود الأخضر بحيث لا تمايز ولا تغاير ولا اثنينية وصح أن يقول هو أنا وأنا هو مع امتناعه حقيقة لصيرورة أحد شيئين بعينه الآخر والآخر بعينه هو لحكم العقل ضرورة بدون احتياج إلى حجة ولا يمتنع مجازا بأن يكون بطريق واحدة إما اتصالية كجمع مائين في إناء واحد أو اجتماعية كامتزاج ماء وتراب حتى صار طينا وإما بطريق كون وفساد كصيرورة ماء بالغليان هواء واحدا أو استحالة أي تغير كصيرورة جسم بعد كونه سوادا بياضا أو عكسه وهذا كله في حق الله تعالى محال لتنزهه عن الحلول والاتصال والانفصال وما للتراب ورب الأرباب وإنما هو انعكاس نور من أنواره وسر من أسراره يلمح في قلب السالك المتصف بالتخلية والتحلية وكمال التصفية فقد يتوهم أنه حل فيه كما يتوهم الطفل أنه يرى الشمس في الماء (وَقَوْلِهِ أَنَا الْحَقُّ مَعَ تَمَسُّكِهِ فِي الظَّاهِرِ) من حاله (بالشّريعة) في سائر أقواله وأفعاله حتى قيل إنه كعادته كل ليلة يصلي الف ركعة في الحبس (ولم يقبلوا توبته) بمقتضى مذهب المالكية مع أن قوله أنا الحق ليس بظاهر في دعوى الألوهية لأن الحق يأتي بمعنى الثابت وضد الباطل هذا وقد اعتذر الغزالي في مشكاة الأنوار عن الألفاظ الي كانت تصدر منه قيل ضرب الحلاج بأمر المقتدر ألف سوط وقطعت أطرافه وجز رأسه وأحرقت جثته وكان ذلك نهارا لثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة قيل إنه لما صلب جرى دمه في الأرض وينتقش الله الله قال القطب الرباني الشيخ عبد القادر الجيلاني عثر الحلاج فلم يجد من يأخذ بيده ولو أدركته لأخذت بيده ويقال إنه قال يوما للجنيد أنا الحق فقال له الجنيد أنت بالحق أي خشية تفسد فكوشف فيه لما يؤول حاله من الصلب قال بعضهم والدليل على صحة باطنه أنه كان يقطع يداه ورجلاه وهو يقول حسبي الواحد بإفراد الواحد وقد زار قبره بعض أهل الكشف فرأى نورا ساطعا من قبره إلى السماء

<<  <  ج: ص:  >  >>