للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاصم يهوديّا فحلف) اليهودي (لَهُ بِالتَّوْرَاةِ فَقَالَ الْآخَرُ لَعَنَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ فَقَالَ الْآخَرُ لَعَنَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ بذلك شاهد) أي واحد (ثمّ شهد آخر أنه) أي الآخر (سأله) أي من خاصم (عن القضيّة) في الكيفية (فقال) اللاعن الملعون (إنّما لعنت توراة اليهود) التي يتدارسونها بينهم (فقال أبو الحسن) القابسي (الشّاهد الواحد لا يوجب القتل) أي ولو حمل على إطلاقه ولم يقبل قصده (والثّاني علّق الأمر بصفة) أي خاصة ناشئة عن الإضافة (تحتمل التأويل) لهذا القيل (إِذْ لَعَلَّهُ لَا يَرَى الْيَهُودَ مُتَمَسِّكِينَ بِشَيْءٍ من عند الله لتبديلهم وتحريفهم) وفيه أن الظاهر من هذه الإضافة اختصاصهم بها وأما كونهم لا يتمسكون بها فلا دخل له فيما نحن فيه من أنه أهان كتاب الله وقد سمى الله سبحانه كتابهم مع علمه بتحريفهم وتغييرهم كتاب الله في قوله وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ فلو فرض أن بعضهم هذه الأمة المحفوظة الحافظة للكتاب والسنة حرفوا بعض القرآن وغيره فقال أحد الشاهدين لعن القرآن وقال آخر لعن قرآن المسلمين فلا نشك أنه كافر على أن الأحكام مبنية على الأكثر فتأمل وتدبر مع أن اليهود كلهم ما غيروا التوراة ولا بدلوها وإنما كان بعض علمائهم نقلوا عنها ما لم يثبت فيهما أو تصرفوا في معانيها دون مبانيها (وَلَوِ اتَّفَقَ الشَّاهِدَانِ عَلَى لَعْنِ التَّوْرَاةِ مُجَرَّدًا) أي عن التعليق (لضاق التّأويل) الأولى لما احتمل التأويل والله ولي التوفيق (وَقَدِ اتَّفَقَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ عَلَى اسْتِتَابَةِ ابْنِ شنبوذ) بمعجمة مفتوحة ونون ساكنة كما صرح به الحلبي والتلمساني وقيل بفتحها فموحدة مضمومة وذال معجمة وهو غير منصرف للعجمة والعلمية كما جزم به الحلبي وأغرب التلمساني في قوله يجري ولا يجرى وهو اسم أعجمي وضبطه الدلجي بنون مشددة وفي القاموس محمد بن أحمد بن شنبوذ بفتح الشين المعجمة والنون مجاب الدعوة وعلي بن شنبوذ وكلاهما من القراء انتهى والمراد به هنا ما ذكره الحلبي وتبعه التلمساني من أنه أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ (المقرىء أحد أئمة المقرئين المتصدّرين بها) أي ببغداد (مع ابن مجاهد) متعلق باتفق وهو إمام جليل في علم القراءة (بقراءته) أي ابن شنبوذ بنفسه (وإقرائه) أي لغيره (بشواذ من الحروف) أي من القراآت التي لم يثبت تواترها ومع هذا (ممّا ليس في المصحف) وهو أحد أركان القراءة والثاني موافقة العربية والثالث وهو الأصل المعتمد المدار عليه وهو نقل المتواتر قال التلمساني كان إماما دينا لا ينكر موضعه من العلم وكان فيه سلامة الصدر وممن يرى جواز القراءة بالاختيار مما يجوز في العربية وإن لم ينقل ذلك عن السلف وكان يقرؤبها في المحراب ويقربها بعض الأصحاب (وعقدوا) أي الفقهاء مع ابن مجاهد مجلسا بالحكم (عليه بالرّجوع عنه) أي عن فعله من القراءة والإقراء بالشواذ (والتّوبة منه) فيما بقي من عمره وهذا لا ينافي جواز رواية الشاذة فإن الفرق بين القراءة والرواية واضح عند أرباب الدراية (سجلّا) أي وسجلوا عليه (أشهد فيه بذلك على نفسه) بالرجوع عنه وبالتوبة منه (فِي مَجْلِسِ الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>