له عن موت ابنه إبراهيم (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) فيه التفات من التكلم إلى الغيبة إذ مقتضى الظاهر فصل لنا أي فدم على الصلاة كما أمرنا أو على صلاة العيد خالصا لوجهه وشكرا لأنعمه فإنها جامعة لأنواع شكره لاشتمالها على أصناف ذكره ويؤيد الوجه الثاني قوله تعالى (وَانْحَرْ [الكوثر: ١- ٣] ) أي ضح بالبدن التي هي خيار أموال العرب وتصدق على المحتاجي من الفقراء والمساكين وقيل المراد بالنحر وضع المصلي يده في الصلاة عند نحره ويروى هذا عن علي كرم الله وجهه (إِنَّ شانِئَكَ) أي مبغضك (هُوَ الْأَبْتَرُ) أي مقطوع الخير والبركة في الدنيا والآخرة أو الذي انقطع عن بلوغ أمله فيك (أعلمه الله) أي منة عليه في هذه السورة (بما أعطاه) أي ببعض ما أولاه وإلا فعطاؤه لا يمكن احصاؤه (والكوثر حوضه) أي لما في مسلم اتدرون ما الكوثر قيل الله تعالى ورسوله أعلم قال نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوضي ترده أمتي يوم القيامة وضمير هو راجع إلى النهر إشعارا بأن له نهرا من الجنة منصبا في حوضه يوم القيامة فلا ينافيه قوله (وقيل نهر) بفتح الهاء ويسكن (في الجنّة) كما يدل عليه حديث الترمذي رأيت في الجنة نهرا حافتاه قباب اللؤلؤ قلت ما هذا يا جبريل قال الكوثر الذي أعطاك الله وحديثه أيضا أعطاني الله الكوثر نهرا في الجنة يسيل في حوضي (وقيل الخير الكثير) وهذا هو الأظهر لأنه هو الحق كما عبر به الدلجي لأنه فوعل من الكثرة بمعنى المفرط المبالغ فيها ويؤيده خبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في البخاري الكوثر هو الخير الكثير الذي اعطاه الله قيل لسعيد بن جبير إن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة قال هو من الخير الكثير الذي اعطاه (وقيل الشّفاعة) أي العظمى الشاملة للخلائق كلها المستفاد منها الكثرة (وقيل المعجزات الكثيرة وقيل النبوّة) أي لاشتمالها على خيرات كثيرة واللام للعهد أي النبوة العظيمة أو النبوة المختوم بها ليتميز بها عن غيره بنوع المزية (وقيل المعرفة) أي الكاملة وهذه الأقوال حسنة معانيها إلا أنه لا دلالة على ما فيها؛ (ثمّ أجاب) أي الله سبحانه وتعالى (عنه) أي بدلا منه صلى الله تعالى عليه وسلم (عدوّه) أي العاص بن وائل أو أبا جهل ونحوه (وردّ عليه) حين مات ابنه القاسم (قوله) أي أن محمدا قد أصبح ابتر أي قليل العدو مقطوعا من الولد إذا مات مات ذكره لأنه لا عقب له (فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الْكَوْثَرِ: ٣] أي عدوّك ومبغضك) بالنصب تفسير لشانئك؛ (والأبتر الحقير الذّليل) أي على ما قيل وهو الذي لا ذكر حسن له ولا ثناء جميل (أو المفرد) بفتح الراء أي المنفرد (الوحيد) أي الذي لا ولد له ولا عقب (أو الذي لا خير فيه) وأما هو صلى الله تعالى عليه وسلم فذكره حسن وثناؤه جميل ونسبه مستمر وآثار أنواره باقية إلى يوم القيامة وما لا يدخل تحت العبارة في الآخرة (وَقَالَ تَعَالَى:
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر: ٨٧] وقيل) وهو المحكى عن ابن عمر وابن مسعود والمنقول عن ابن عباس (السّبع المثاني: السّور الطّوال) بكسر الطاء جمع الطويلة كما صرح به الشراح فاندفع به قول المنجاني هكذا وقع في الكتاب وصوابه الطول