للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ضرب اللّحم) أي خفيفه ولطيفه لا يابسه وكثيفه وقيل هو اللحم بين اللحمين لا بالناحل ولا بالمطهم. (قال البراء) بن عازب أي كما رواه الشيخان وغيرهما (ما رأيت من ذي لمّة) بكسر لام وتشديد ميم وهي من شعر الرأس ما يجاوز شحمة الأذن ويلم بالمنكبين (في حلّة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) ظاهره أنها ثوب واحد بشهادة وصفها بحمراء مع اتفاق أهل اللغة أنها لا تطلق إلا على ثوبين بشهادة حديث وعليه حلة أتزر بإحديهما وارتدى بالأخرى ولك أن تجيب بأن وصفها باعتبار لفظها لا باعتبار معناها وكفى به دليلا لمن جوز لبس الأحمر بلا كراهة كالشافعي ومالك رحمهما الله تعالى كذا ذكره الدلجي وفي القاموس الحلة بالضم ازار ورداء بردا أو غيره ولا تكون حلة إلا من ثوبين أو ثوب له بطانة وكذا قال الخليل وغيره لأن كل واحد يحل على الآخر أو على الجسم وقيل الثوب الجديد الذي من طيه فاندفع دعوى اتفاق أهل اللغة على الإطلاق بل قال المنجاني إن هذا الحديث يرد عليهم انتهى وليس في الحديث الذي استشهد به دلالة إلا على أحد استعمال الحلة وأما كون هذا الحديث دليلا كافيا لتجويز لبس الأحمر فهو كاف مع قطع النظر عما ورد فيه أنواع من الخبر والأثر مما يدل على كراهة لبسه في الحضر والسفر مع أن الحديث ليس فيه تصريح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لبس الأحمر بل يدل على أنه ما رؤي من كان صاحب لمة ولابس حلة حمراء مع أن الحسن في تلك الحالة على غاية من الصفاء فنفى أن يكون أحسن من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أي لبس كان أو على تقدير لابسه ثم على تسليم لبسه يحمل على بيان الجواز وأن النهي وارد على سبيل الكراهة لا التحريم أو أنه قضية واقعة يحتمل وقوعها قبل النهي مع أنه قد يقال للثوب الذي فيه خطوط حمر كثيرة أنه أحمر فتدبر فإن الجمع بين الأحاديث المتعارضة هو المعتبر وقد قال أبو عبيد الحلل يرد اليمن ثم الدليل المبيح والمحرم إذا اجتمعا يقدم دليل المحظور مع أنه يكفي في دليل امتناعه التشبه بالنساء ولا شك أن تركه أحوط في حق الرجال العقلاء ومع وجود هذه الأنواع من الاحتمال كيف يكفي للاستدلال والله تعالى أعلم بالحال وأغرب الانطاكي الحنفي حيث قال في حاشيته وفي هذا دليل على جواز لبس الأحمر للرجال وادعى النووي الإجماع على جواز لبسه في المهذب انتهى ولا يخفى أن دعوى الإجماع باطلة مع وجود مخالفة الإمام الأعظم في المسألة وغيره من الأئمة ولعله أراد به الاتفاق في مذهبه والله تعالى أعلم بمقاله ومشربه هذا وقد قال المنجاني وقد اختلف السلف الماضون في ذلك فكره بعضهم لبسها هي والمصبوغة بالصفرة وأجازهما قوم آخرون وفرق بعضهم في هذا بين المشبع في الصبغ وغير المشبع فأجاز ما لم يكن مشبعا وكره ما أشبع صبغه ورأى آخرون أن ما اتخذ من هذه الثياب للمهنة جاز مطلقا وما اتخذ للباس كره ودليل الأولين ما ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نهى

<<  <  ج: ص:  >  >>