(على مذهبهم) أي ولم يخرجوها وإنما خرجت (من تفاريع الشّافعيّة) والظاهر المتبادر أن قوله وتخريج مجرور عطفا على فروع كما أشار إليه التلمساني وصرح به الانطاكي وأبعد الدلجي وجعله منصوبا عطفا على القولين ثم قال والتخريج في اصطلاحهم أن ينص الشافعي على حكمين مختلفين في صورتين متشابهتين ولم يظهر لهم ما يصلح فارقا بينهما فينقلوا نصه في كل صورة منهما إلى الأخرى كمسألتي الاجتهاد في الأواني والقبلة إذ قد منع في الأولى العمل بتغيير الاجتهاد وجوزه في الثانية فنقلوا منعه في تلك إلى هذه وتجويزه في هذه إلى تلك فصار في كل قولين منصوص عليهما ومخرج المنصوص في كل هو المخرج في الأخرى، (وشاهد هذا) أي دليل هذا القول على طهارة ما ذكر (أنّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَيْءٌ يُكْرَهُ ولا غير طيّب) وفيه أنه منقوض بما صح عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبأنه كان يستنجي بنحو حجر ومدر وأيضا أنه لو كان الخارجان منه طاهرين لما كانا حدثين ناقضين كالعرق والدمع والبزاق والمخاط ونحوها والإجماع على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم في نواقض الوضوء كالأمة إلا ما صح استثناؤه كالنوم بدليل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان ينام عيناه ولا ينام قلبه كما سيأتي. (ومنه) أي ومن الشاهد بأنه لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَيْءٌ يُكْرَهُ وَلَا غَيْرُ طيب (حديث عليّ رضي الله عنه) أي فيما رواه ابن ماجة وأبو داود في مراسيله أنه قال (غسّلت النّبيّ عليه الصلاة والسلام) بتشديد السين وتخفيفها وهو أظهر (فذهبت) أي شرعت وقصدت (أنظر ما يكون من الميّت) أي من خروج دم وغيره من النجاسات عند خروج روحه أو حين غسله (فلم أجد شيئا) أي منها خرج منه، (فقلت طبت حيّا وميّتا) ونصبهما على الحال أو على نزع الخافض أي في الحياة والممات أو على التمييز ذكره التلمساني ولا يخفى بعد ما عدا الأول فتأمل فإنه موضوع زلل ومحل خطل ثم أنت ترى أن هذا الحديث لا يصلح أن يكون شاهدا كما لا يخفى وقد روي عن علي كرم الله وجهه أنه حين غسل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مسح بطنه فلم يجد شيئا فقال طبت حيا وميتا وفي رواية فاح ريح المسك في البيت لما في بطنه قيل وانتشر في المدينة (قال) أي على (وسطعت) أي ارتفعت وانتشرت وفاحت (مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ لَمْ نَجِدْ مِثْلَهَا قَطُّ ومثله) أي ومثل قول علي طبت حيا وميتا (قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ قبّل النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بعد موته) رواه البزار عن ابن عمر بسند صحيح وهو بعض خبر في البخاري (ومنه) أي ومن الشاهد (شرب مالك بن سنان) بكسر السين المهملة وأما الشرب فبضم المعجمة ويجوز فتحها وكسرها (دمه) أي دم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (يوم أحد ومصّه إيّاه) قيل شربه ابتلاعه ومصه أخذه من الجرح بفيه أو شربه ابتلاعه دفعة ومصه ابتلاعه قليلا قليلا وروي إذ ذلك مرفوعا من مس دمه دمي لم تصبه النار (وتسويغه صلى الله تعالى عليه وسلم) أي تجويزه (ذَلِكَ لَهُ.
وَقَوْلُهُ لَهُ لَنْ تُصِيبَهُ النَّارُ) رواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري عن أبيه مالك بن سنان وقتل