صلى الله تعالى عليه وسلم (في امرأة شربت بوله) أي من غير علم بأنه بول كما سيأتي (فقال لها لن تشتكي) بإسكان الياء على أن النون حذفت للناصب (وجع بطنك أبدا) وفي رواية لن تلج النار بطنك والحديث رواه الحاكم وأقره الذهبي والدارقطني. (ولم يأمر واحدا منهم) أي أحدا ممن شربه وفيه تغليب الرجال على النساء (بغسل فمه) لا دلالة في الأحاديث على الأمر ولا على عدمه مع أن غسل الفم من البول كان عندهم من قبيل المعلوم بالضرورة وعلى تسليم عدم الأمر لا يثبت طهارته لاحتمال الذهول أو للاعتماد على الظهور إلا أن يثبت أنه رأى أحدا منهم يصلي من غير غسل فم مثلا وسكت عليه وأقره كما هو مقرر عند أرباب الأصول، (ولا نهاه) أي أحدا (عن عودة) أي عن عود شرب بوله وفيه أنه لا يحتاج إلى النهي عن العود إلا إذا وقع ذلك الفعل عن العمد من غير ضرورة ولا حالة جذبه وسيأتي اعتذارها بأنها شربته بغير علمها وفي نسخة صحيحة بلفظ عودة بالتاء للوحدة هذا وروى ابن عبد البر أن سالم بن أبي الحجاج حجمه صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ازدرد أي ابتلع دمه فقال أما علمت أن الدم كله حرام وفي رواية لا تعد فإن الدم كله حرام. (وَحَدِيثُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي شَرِبَتْ بَوْلَهُ صَحِيحٌ) أي ولصحته (ألزم الدّارقطني) بفتح الراء وتسكن نسبة إلى دار قطن محلة ببغداد وهو صاحب السنن وروى عنه الحاكم وأبو ذر الهروي وأبو نعيم وغيرهم (مسلما، والبخاري) أي كلا منهما (إخراجه) أي تخريج الحديث وذكره بإسناده (في الصّحيح) أي في كل من صحيح البخاري ومسلم إذ رجاله كرجالهما في الضبط والعدالة وغيرهما لكن إنما يتوجه هذا الإلزام عليهما لو التزما تخريج جميع الصحيح ولم يلتزماه والحاصل أن هذا الحديث في مرتبة الحديث الذي اتفق عليه الشيخان من كمال الصحة وإن لم يخرجاه في جامعيهما لكن انتقد عليه فإنه جاء من جهة أبي مالك النخعي وأنه ضعيف وفي علل الدارقطني أيضا أنه مضطرب من جهة أبي مالك والله تعالى أعلم، (واسم هذه المرأة بركة) بالفتحات (واختلف في نسبها) فقيل هي بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب بن أمية كانت هي وزوجها قيس بن عبيد الله هاجرا مع أم حبية بنت مولاها ابي سفيان وزوجها عبيد الله بن جحش فلما تنصر زوج أم حبيبة وبقيت على الإسلام خطبها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فزوجها له النجاشي واصدقها عنه أربعمائة دينار أو اربعمائة أوقية ذهب ثم بعثها إليه مع شرحبيل ابن حسنة وقدمت بركة هذه معها وكانت تخدمها وتخدم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهي اسم لثلاثة منهن أم أيمن (وقيل هي أمّ أيمن) أي الحبشية مولاته وحاضنته ومرضعته ورثها من أبيه ثم أعتقها لما تزوج خديجة فتزوجها عبيد بن زيد من بني الحارث فولدت له أيمن وبه كنيت ثم تزوجها بعد النبوة زيد بن حارثة فولدت له أسامة حبه صلى الله تعالى عليه وسلم وإلى هذا القول ذهب ابن عبد البر وغيره وقال الواقدي كانت أم أيمن عسيرة اللسان فكانت إذا دخلت قال سلام اللا عليكم يعني سلام الله عليكم فرخص لها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن تقول سلام عليكم أو السلام عليكم كذا ذكره