للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم نعم المال الصالح للرجل الصالح (والولد) أي الصالح وإلا فبعض الولد كمد وكبد وفي بعض النسخ وبارك له بصيغة الإفراد والمتبادر منه أنه راجع إلى الراعي والأظهر أنه خطاب عام لهم على الانفراد الذي هو أتم من الاجتماع فالمعنى بارك لكل منهم في ماله وولده، (من أقام الصّلاة) أي واظب عليها وقام بشرائطها وأركانها (كان مسلما) أي منقادا وأسلم نفسه من التعرض إليها بقتلها وأسرها وقد قيل في الصلاة جميع العبادات من قيام وقراءة وركوع وسجود ودعاء وثناء وصبر وهو حبس النفس والحواس والخواطر وزكاة وهو بذل المال في الماء واللباس وصيام وهو الإمساك عن الأكل والشرب واعتكاف وهو لزوم المكان الواحد لأدائها وحج وهو التوجه للكعبة وجهاد وهو مجاهدة النفس ومحاربة الشيطان وشهادة وهي ذكر الله ورسوله، (ومن آتى الزّكاة) أي أعطاها مستحقيها (كان محسنا) أي في إسلامه أو ببذله إلى إخوانه، (ومن شهد) أي بقلبه وأقر بلسانه (أن) أي أنه (لا إله إلّا الله) أي وأن محمدا رسول الله (كان مخلصا) أي في إيمانه واقتصر على أحد ركنيه لأنهم كانوا عبدة أصنام فقصد به نفي الهية ما سوى الله مع اشتهاره عندهم بأنه رسول الله وايناسه منهم الإيمان به بدليل قدوم كبرائهم عليه مؤمنين فهو من باب الاكتفاء أو لأن هذه الكلمة علم لمجموع الشهادتين بإطلاق البعض وإرادة الكل ولذا ورد من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وإذا عرفت ذلك فقوله مسلما يراد به المعنى اللغوي فلا يحتاج إلى قوله الدلجي كان مسلما ومؤمنا أيضا إذ مآلهما واحد شرعا وإن اختلفا مفهوما فإن الإسلام هو الانقياد الظاهري والإيمان هو الإذعان الباطني ولا يستغني أحدهما عن الآخر لكن تخصيصه بإقامة الصلاة يوهم أنها وأمثالها جزء الإيمان على ما ذهب إليه المعتزلة فالأولى أن يقال المعنى كان مسلما كاملا وأن الواو في الجمل الشرطية لمجرد الجمعية؛ (لكم يا بني نهد ودائع الشّرك) جمع وديع من قولهم أعطيته وديعا أي عهدا وميثاقا أي أقررتكم على العهود والمواثيق التي كنتم تتعاهدونها مصالحة ومهادنة قبل الإسلام والأظهر أنها جمع وديعة والمراد بها ما استودعوه من أموال الكفار الذين لم يسلموا فأحله لهم لأنه مال كافر قدر عليه بلا عهد وشرط ويؤيده رواية ما لم يكن عهد ولا وعد (ووضائع الملك) بكسر الميم والوضائع جميع وضيعة وهي الوظيفة التي تلزم المسلمين في أملاكهم من صدقة وزكاة والمعنى ولكم الوظائف التي تلزمكم لتجاوزها منكم ولا نزيدها عليكم فصح قوله لكم دون عليكم أو بضم الميم أي ولكم ما وظفه ملوككم في الجاهلية عليكم وما استأثروا به دونكم من مغنم وغيره والمعنى لا نأخذها منكم ثم قول الحلبي بعد الألف مثناة تحتية ليس على ظاهره بل باعتبار أصله وإلا فهو مقلوب بالهمزة كنظائره من الودائع والصحائف، (لا تلطط) كلام مستأنف وهو بضم مثناة فوقية فسكون لام فمهملتين نهي لم يرد به واحدا معينا كما رواه البيهقي بل لكل من يأتي منه توجيه الخطاب وتوجه الكتاب (في الزّكاة) أي لا تمنعها من لط الغريم والط إذا منع الحق أو نهى اراد به جنس المخاطب كما رواه غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>