على وطئها عبر به عليه الصلاة والسلام عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق فهو كلام في غاية الإيجاز ومما يشبه الألغاز وكاد أن يكون من باب الاعجاز (ومات حتف أنفه) أي كقوله فيما رواه البيهقي في شعب الإيمان ولفظه من مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله يعني إذا خرج مجاهدا في سبيل الله والمعنى مات بلا مباشرة قتل ولا ضرب ولا غرق ولا حرق وخص الأنف لأنه أراد أن روحه تخرج من أنفه بتتابع نفسه أو لأنهم كانوا يتخيلون أن المريض تخرج روحه من أنفه والجريح من جراحته (ولا يلدغ المؤمن من جحر) بضم جيم فسكون حاء (مرّتين) أي كما رواه البخاري وغيره وروي لا يلسع وهو إما خبر فمعناه أن المؤمن الفطن هو اليقظ الحازم الحافظ الذي لا يؤتى من جهة الغفلة فيخدع وهو لا يشعر مرة بعد مرة وأما نهي فمعناه لا يخدعن المؤمن من باب واحد من وجه واحد مرة بعد أخرى فيقع في مكروه بل فليكن حذرا يقظا في أمر دنياه وأخراه وسبب الحديث أن أبا عزة الجمحي أسر ببدر فمن عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أن لا يهجوه ولا يحرض عليه فغدر ثم أسر بأحد فقال يا رسول الله غلبت أقلني فقال لا أدعك تمسح عارضيك بمكة تقول خدعت محمدا مرتين وأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ثم أمر بضرب عنقه (والسّعيد من وعظ) بصيغة المجهول أي أتعظ (بغيره) كما رواه الديلمي وروي تمامه والشقي من وعظ به غيره (في أخواتها) أي أشباه هذه الكلمات والمعنى أنها جمعت معها كالأعمال بالنيات والمجالس بالأمانات والحرب خدعة وأمثالها من الكلما الجامعات منها كل الصيد في جوف الفرا أي الحمار الوحشي قاله لأبي السبيعي لما أسلم أي اجتمع كمال خصال الناس فيه وإياكم وخضراء الدمن ولا يجني على المرء إلا يده والبلاء مؤكل بالمنطق وترك الشر صدقة وسيد القوم خادمهم والخيل في نواصيها الخير وإن من الشعر لحكمة ونية المؤمن خير من عمله والدال على الخير كفاعله ونعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ والندم توبة ونحو ذلك (مما يدرك النّاظر العجب) أي مما يتصوره وفي نسخة بنصف الناظر ورفع العجب فالمعنى مما يلحقه العجب إذا نظر (في مضمّنها) بفتح الميم المشددة وفي نسخة من ضمنها أي مضمونها وما يتضمنها من المعاني البديعة في المباني المنيعة (ويذهب به) أي ومما يذهب بالناظر (الفكر في أداني حكمها) بكسر ففتح جمع حكمة والمعنى فيتعجب بتأمله في فهمها باعتبار أدانيها فما ظنك بأقاصيها (وقد قال له أصحابه) أي كما رواه البيهقي في شعب الإيمان. (ما رأينا الذي هو أفصح منك) الجملة من المبتدأ والخبر صلة الموصول وهو عائد الموصول لا ضمير أفصح كما توهم الدلجي فإن ضميره راجع إلى المبتدأ كما لا يخفى على المبتدي (فقال وما يمنعني) أي من أن أكون أفصح (وإنّما أنزل القرآن) أي الذي هو في غاية البلاغة ونهاية الفصاحة مع إيجاز المباني وحسن البيان والمعاني (بلساني لسان عربي مبين) أي واضح او موضح ولسان بدل أو بيان. (وقال مرّة أخرى) أي كما رواه اصحاب الغرائب