للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى الضيق والشدة. (وعن عائشة رضي الله عنها لم يمتلىء جوف النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم شبعا) بكسر ففتح ويسكن (قطّ) تقدم ضبطه قال الدلجي لم أعرف من رواه ولا يعارضه ما أفهم شبعه في الجملة كحديث مسلم عنها ما شبع رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزٍ بر حتى مضى لسبيله وفي رواية من خبز شعير يومين متواليين فإن دلالة المفهوم ضعيفة فليست بحجة كما قال أبو حنيفة ولأن الامتلاء صفة زائدة على الشبع؛ (وأنّه) بالفتح فيكون من جملة رواية عائشة رضي الله تعالى عنها أو بالكسر على الاستئناف والضمير للشأن أوله صلى الله تعالى عليه وسلم (كَانَ فِي أَهْلِهِ لَا يَسْأَلُهُمْ طَعَامًا وَلَا يتشهّاه) لعدم التفاته إلى غير مولاه (إِنْ أَطْعَمُوهُ أَكَلَ وَمَا أَطْعَمُوهُ قَبِلَ وَمَا سقوه) ويجوز أسقوه (شرب) وهذا كان دأبه في آدابه وغالب حاله في سائر أفعاله كما هو طريق الأنبياء والأولياء في مقام الفناء والبقاء والمصنف لما استشعر اعتراضا واردا على ظاهر الحديث من حيث العموم دفعه بقوله؛ (ولا يعترض) بصيغة المجهول أي ولا يجوز لأحد أن يعترض (على هذا) أي قولها لا يسألهم طعاما (بحديث بريرة) بفتح فكسر أي بحديث وقع في حق بريرة وهي مولاة لعائشة رضي الله تعالى عنها واختلف أنها قبطية أو حبشية (وقوله) أي فيما رواه الشيخان عنه (ألم أر البرمة) بضم الباء وهي القدر من الحجارة أو أعم (فيها لحم) بفتح فسكون ويفتح (إِذْ لَعَلَّ سَبَبَ سُؤَالِهِ ظَنُّهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِقَادَهُمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ) أي ولو بعد أن ملكته (فأراد بيان سنّته) وهي أنه إذا ملك المتصدق عليه الصدقة حل له أكلها هدية ويؤيد ظنه جهلهم حله له بعد ملكها إياه قوله؛ (إِذْ رَآهُمْ لَمْ يُقَدِّمُوهُ إِلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ أنّهم لا يستأثرون) أي لا يختصون (عليه به فصدق عليهم ظنّه) بتشديد الدال وتخفيفها كما قرئ به في الآية والمعنى فصدق في ظنه جهلهم ذلك فيكون من باب الحذف والإيصال وجوز تعديته بنفسه كما في صدق وعده على ما ورد وكقوله سبحانه وتعالى وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ أو فحقق ظنه أو وجده صادقا في جهلهم ذلك (وَبَيَّنَ لَهُمْ مَا جَهِلُوهُ مِنْ أَمْرِهِ بِقَوْلِهِ هو لها صدقة ولنا هديّة) أي ففيه مبادلة معنوية واختلاف من حيثية فإن هذا اللحم بإهدائها إياه له انتقل من حكم الصدقة إلى حكم الهبة كما لو اشتراه منها غني أو ورثه عنها (وفي حكمة لقمان) روي أنه كان عبدا حبشيا نجارا وقيل نوبيا فرزق العتق وكان خياطا وقيل هو ابن أخت داود عليه السلام وقيل ابن خالته وقيل كان من أولاد آزر وعاش ألف سنة وأدرك داود وأخذ منه العلم والأكثرون على أنه كان وليا وذهب الآخرون إلى أنه كان نبيا ويروى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثيرا التفكر حسن اليقين أحب الله تعالى فأحبه فمنّ عليه بالحكمة وخيره في أن يجعله خليفته يحكم بالحق فقال يا رب إن خيرتني قبلت العافية وإن عزمت علي فسمعا وطاعة فإنك ستعصمني (يا بنيّ) وهو تصغير الشفقة ويجوز فتح يائه وكسرها كما قرئ بهما في الآية (إذا امتلأت المعدة) أي طعاما وشرابا وهي بفتح فكسر ويجوز كسرهما وإسكان عينها مع فتح الميم

<<  <  ج: ص:  >  >>