للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي نطق عيسى (في مهده فقال) أي الله في كلامه حكاية عنه (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) ردا على إثبات اله سواه وافتخارا بالعبودية واحترازا عن دعوى الربوبية (آتانِيَ الْكِتابَ) أي أعطاني الله من فضله علم الإنجيل أو جنس الكتاب (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا [مريم: ٣٠] ) في سابق قضائه أو تنزيلا للمحقق وقوعه منزلة الواقع به كما في أَتى أَمْرُ اللَّهِ كذا ذكره الدلجي والظاهر المتبادر أنه جعله نبيا في ذلك الحال من غير توقف على الاستقبال فلا يحتاج إلى تأويله بالمآل ويؤيده ما روي عن الحسن أكمل الله عقله ونبأه طفلا وقضية يحيى صريحة أيضا في هذا المعنى غايته أن أعطاه النبوة في سن الأربعين غالب العادة الإلهية وعيسى ويحيى خصا بهذه المرتبة الجليلة كما أن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم خص بما ورد عنه من قوله كنت نبيا وإن آدم لمنجدل بين الماء والطين هذا وفي المستدرك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا لم يتكلم في المهد إلا عيسى وشاهد يوسف وصاحب جريج وابن ماشطة فرعون ولفظ مسند أحمد وابن ماشطة ابنة فرعون وزاد البغوي في تفسير سورة الأنعام إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وممن تكلم صغيرا يحيى بن زكريا ومبارك اليمامة كلمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذكره في الدلائل ورضيع المتقاعسة ورضيع التي مر عليها راكب فقالت اللهم اجعل ابني مثل هذا والصبي الذي في حديث الساحر والراهب الذي قال لأمه أصبري فإنك على الحق وهو في أواخر مسلم وفي كلام السهيلي في آخر روضته أن أول كلمه تكلم بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو مرضع عند حليمة إن قال الله أكبر قال السهيلي رأيته كذا في بعض كتب الواقدي (وقال) أي عز قائله (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ) أي الحكومة أو الفتيا إذ روي أنه تحاكم إلى داود صاحب غنم وصاحب زرع أو كرم رعته ليلا فحكم بها لصاحب الحرث لاستواء قيمتها وقيمة نقصه فقال سليمان وهو ابن إحدى عشرة سنة غير هذا أوفق بهما فعزم عليه ليحكم فدفع الغنم لصاحب الحرث ينتفع بدرها ونتاجها وأصوافها والحرث لصاحب الغنم يصلحه فإذا عاد إلى ما كان عليه ترادا ولعلهما قالا مقالهما اجتهادا فقال داود اصبت القضاء ثم حكم بذلك والأول نظير قول أبي حنيفة في العبد الجاني والثاني نظير قول الشافعي بالغرم للحيلولة في العبد المغصوب إذا أبق إما في شرعنا فلا ضمان عند أبي حنيفة لحديث جرح العجماء جبار أي هدر إلا أن يكون معها حافظ أو أرسلت عمدا وأوجبه الشافعي ليلا لا نهارا لجري العادة في حفظ الدواب بالليل دون النهار لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم لما دخلت ناقة البراء حائطا على أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل الماشية حفظها بالليل وفي الحديث إشارة لطيفة إلى قول أبي حنيفة في تقييد القضية بحالة العمدية إذ تخلص الدابة ليلا أو نهارا واتلافها من غير تقصير من صاحبها لا يوجب الغرامة المنفية في الملة الحنيفية حيث قال ليس عليكم في الدين من حرج (وَكُلًّا) أي من داود وسليمان (آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً

<<  <  ج: ص:  >  >>