الألفاظ المتقدمة (بفروق) أي دقيقة (فجعلوا) أي هؤلاء البعض (الكرم الإنفاق بطيب النّفس) أي بنشاطها وانبساطها (فيما يعظم) بضم الظاء أي يجل (خطره) بفتحتين ويسكن الثاني أي قدره (ونفعه) أي يكثر الانتفاع به فلا يطلق على ما يحقر قدره ويقل نفعه (وسمّوه) أي الكرام (أيضا حرية) أي من رق العبودية للأمور العارضية ولذا ورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم وفي بعض النسخ جرءة بضم جيم وسكون راء فهمزة ولعل وجهه تلازم السخاوة والشجاعة فإن أحدهما بذل الروح والآخر بذل المال والأول أقوى كما لا يخفى على أرباب الكمال قال التلمساني وحقيقة الحرية كمال العبودية وقيل هي أن لا يكون العبد تحت رق المخلوقات ولا يجري عليه سلطان المكونات وعلامة صحته سقوط التمييز عن قلبه بين الأشياء فيتساوى عنده أخطار الأعراض (وهو ضدّ النّذالة) بفتح نون فذال معجمة أي الرذالة والسفالة وما أحسن هذه المقالة:
أتمنى على الزمان محالا ... أن ترى مقلتاي طلعة حر
وهو من لم يستعبده هواه ولم تسترقه دنياه والأظهر أن يقال الكرم إنما هو عطاء ابتداء من غير ملاحظة عوض وغرض انتهاء (والسّماحة التّجافي) بنصبهما عطفا على مفعولي جعلوا ويجوز رفعهما أي والسماحة هي التباعد والتنحي (عمّا يستحقّه المرء عند غيره) أي من أداء عين أو قضاء دين (بطيب نفس) أي بلطافة نفاسته، (وهو ضدّ الشّكاسة) بفتح الشين المعجمة وإهمال ما بعد الألف أي صعوبة الخلق والمضايقة وفي التنزيل متشاكسون أي مختلفون متعسرون هذا وفيه أن بعض الأحاديث يدل على أن المراد بالسماحة السخاوة الخاصة وهي المساهلة في المعاملة كما ورد رحم الله من سمح في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء وفي حديث السماح رباح، (والسّخاء سهولة الإنفاق) أي على الأقارب والأجانب والفقير والغنى وسائر المراتب (وتجنّب اكتساب ما لا يحمد) بصيغة المجهول أي تبعد اقتناء ما لا يمدح من البخل وارتكاب الذم الموجب لترك مدحه في الأغلب الأعم (وهو الجود) أي مرادفه من غير اعتبار مخالفة وقيل الجود اعطاء الموجود وانتظار المفقود والاعتماد على المعبود وقيل الجود هو بذل المجهود ونفي الوجود وقد يقال من أعطى البعض فهو سخي ومن بذل الأكثر فهو جواد ومن أعطى الكل فهو كريم وقيل السخاء الإنفاق من الإقتار ومنه.
ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتى تجود وما لديك قليل
(وهو) أي السخاء الذي بمعنى الجود (ضدّ التّقتير) أي التضييق في الإنفاق والإمساك وهو نقيض الإسراف في الانفاق والظاهر أنه حال اعتدال بين البخل والاسراف فانظر فيه بعين الإنصاف ولا تدخل في حد الاعتساف هذا ولم يظهر وجه عدول المصنف عن النشر المرتب إلى خلافه فيما ارتكب، (فكان صلى الله تعالى عليه وسلم لا يوازى) بصيغة المفعول مهموزا ومسهلا من آزيته وأجاز بعضهم وأزيته أي لا يقاوم ولا يقابل ولا يماثل به أحد (في هذه