للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستثناء مفرغ أي ما ترك شيئا يعتد به إلا ما ذكر ونحوه إن ثبت أنه ترك غيره. (قالت عائشة رضي الله عنها) كما رواه الشيخان (ولقد مات وما في بيتي) اللام ابتدائية أو قسمية والواو حالية أي لهو قد أو والله لقد مات والحال أنه ليس في بيتي (شيء يأكله ذو كبد) بفتح فكسر ويجوز سكونه مع كسر وفتح أي ذو حياة وخص الكبد لأنه منبع الدم (إلّا شطر شعير) لعله نصف صاع وقال الترمذي أي شيء من شعير ثم المختار رفعه على البدلية ويجوز نصبه على الاستثناء (في رفّ لي) بفتح راء وتشديد فاء خشب يرفع عن الأرض في جدار البيت يرقى عليه ما يراد حفظه وهو الرفرف أيضا وفي الصحاح الرف شبه الطاق وتمام الحديث فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني وهو متفق عليه ثم قالت. (وقال لي) أي تسلية لحالي (إنّي عرض عليّ) بني للمفعول وحذف فاعله إجلالا (أن يجعل لي) بالتذكير أو التأنيث أي يصير ويقلب لأجلي (بطحاء مكّة) أي حصاها أو مسيلها (ذهبا فقلت لا) أي لا اختاره (يا ربّ) فاختر لي (أجوع يوما) أو معناه لا أريد بل أريد أن أجوع يوما أي وقتا (فأصبر) وقدمه لأنه مذكر للافتقار إليه وباعث للاتكال عليه ومبالغة في احتقار عرض عروض الدنيا لديه (وأشبع يوما) أي وقتا آخر (فأشكر) لأكون مؤمنا كاملا فإن الإيمان نصفان نصفه صبر ونصفه شكر كما في الحديث وإليه يشير قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ وهذا مقام الأنبياء والأولياء من أرباب الكمال وهو التربية بنعتي الجلال والجمال ثم بين ما يترتب على كل منهما من حسن الحال بقوله (فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي أَجُوعُ فِيهِ فَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ) أي اتذلل وألتجئ (وأدعوك) بما أؤمل لديك (وأمّا اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك) أي فأشكرك (وأثني عليك) وصنيعنا في تفسير الحمد بالشكر أولى من قول الدلجي إن العطف تفسيري فإن التأسيس أولى من التأكيد لا سيما ومقام النعمة يقتضي الشكر الموجب للمزيد ومما يؤيده أيضا ما رواه الترمذي بلفظ فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك (وفي حديث آخر) قال الدلجي لا أدري من رواه بهذا اللفظ قلت فكان ينبغي أن يذكر من رواه بهذا المعنى ليكون مؤيدا له في المبنى والحاصل من كلامه ونقل غيره (أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الله تعالى يقرئك السّلام) أي يسلم عليك وفي القاموس اقرأ عليه السلام أبلغه كاقرأه ولا يقال أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا وفي الاكمال اقرأته السلام وهو يقرئك السلام بضم الياء رباعيا فإذا قلت يقرأ عليك السلام فبفتح الياء وقيل هما لغتان وبهذا يندفع ما تكلف الدلجي بقوله يقال اقرأ فلانا السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده (ويقول) أي الله سبحانه وتعالى (لك) أي اعتبارا أو اختيارا (أتحبّ أن أجعل هذه الجبال) من الصفا وأبي قبيس وغيرهما مما حوالى مكة وأطرافها أو جنس هذه الجبال بأنواعها وأصنافها (ذهبا وتكون) أي جبال الذهب (معك حيثما كنت) أي من جهة الشرق والغرب وما بينهما وما مزيدة للتأكيد (فأطرق ساعة) أي خفض رأسه تأدبا وتفكرا مع سكوته انتظارا لما يلهمه ربه من الخيرة كما ورد في دعائه اللهم خر لي واختر لي ولا تكلني إلى اختياري (ثُمَّ قَالَ يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>