للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترون) أي أبصر ما لا تبصرون من عجائب الملكوت (وأسمع ما لا تسمعون) أي من غرائب أخبار عالم الجبروت (أطّت السّماء) بتشديد الطاء أي صوتت (وحقّ لها) بصيغة المجهول أي وينبغي لها (أن تئطّ) لكثرة ما عليها من الملائكة فكأنهم أثقلوها كثرة وقوة حتى اطت كالقتب وهو تمثيل للتلويح بكثرتها وإن لم يكن ثم أطيط لها تقريرا لعظمة خالقها ومثله حديث العرش على منكب إسرافيل وأنه ليئط أطيط الرحل الجديد بعظمته وعجزه عن حمله إذ من المعلوم أن اطيط الرحل وهو الكور براكبه إنما يكون لقوة ما فوقه من ثقله (ما فيها موضع أربع أصابع) ظرف مستقر لاعتماده على حرف النفي (إلّا وملك) حال من فاعل الظرف وهو موضع أي إلا وفيه مالك (واضع) بالتنوين (جبهته) أي جبينه (ساجدا لله) حال من الضمير قبله، (والله لو تعلمون ما أعلم) أي من شدائد الأحوال وعظائم الأهوال (لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا) جواب القسم الساد مسد جواب لو وفيه مقابلة الضحك والقلة للبكاء والكثرة ووقع هنا للدلجي خبط وعدم ربط وتقديم وتأخير لا يليق بضبط الكتاب ولا بحديث الباب لا بد من إصلاحه على نهج الصواب، (وما تلذّذتم بالنّساء على الفرش) بضمتين جمع فراش فهو من قبيل مقابلة الجمع بالجمع، (ولخرجتم إلى الصّعدات) بضمتين جمع صعيد أي الطرقات (تجأرون) أي حالي كونكم ترفعون أصواتكم وتستغيثون وتتضرعون في جميع حالاتكم (إلى الله» لوددت أنّي) بكسر الدال الأولى أي لأحببت وتمنيت ووقع في أصل الدلجي بزيادة الواو قبل وفي رواية ليتني (شجرة تعضد) بصيغة المجهول أي تقطع، (روي) استئناف بصيغة المجهول أي نقل (هذا الكلام) أي بخصوصه مما سبق من المرام وهو قوله (وَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ، مِنْ قَوْلِ أَبِي ذرّ نفسه) موقوفا عليه من غير رفعه، (وهو) أي إسناده الموقوف (أصحّ) أي من إسناده المرفوع قال الحلبي ولما وقفت على قوله وددت إلى آخره من زمن طويل قطعت بأن هذا ليس من كلام النبوة ثم رأيت بعض الحفاظ المتأخرين من مشايخ مشايخي في أربعين له قال إنه مدرج ثم رأيت كلام القاضي أنه من قول أبي ذر وهو أصح وهذه العبارة ما هي مخلصة والذي ذكره بعض مشايخ مشايخي من إنه مدرج هو الصواب فيما يظهر لي انتهى وقد تصحف قوله وهو أصح على الدلجي بما وقع له في أصله وهو واضح بزيادة واو ونقطة صاد يعني وهو ظاهر ثم بينه بقوله أي من حيث إنه أشبه بكلامه وأليق بحاله مع كونه صلى الله تعالى عليه وسلم أعلم بمكانته عند ربه وأنزه من أن يتمنى عليه دون ما أعطاه انتهى ولا يخفى أن الكلام في صحة الرواية وإلا فلا يخفى وجه ظهور الدراية لأن مثل هذا الكلام إنما ينشأ عن غلبة الخوف من مشاهدة الله بوصف عظمته ومطالعة نعت سخطه المقتضي لعقوبته الجائزة من حيث العقل أنه المطابق للنقل أنه سبحانه وتعالى لو عذب أهل سمواته وأرضه يكون عادلا في قضائه وحكمه إذ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فمن نظر إلى نعوت الجمال حصل له البسط في الحال والمقال ومن طالع صفات الجلال وقع في قبض الحال وضيق البال والكلال وبهذا يجمع بين قول بعضهم من عرف الله طال

<<  <  ج: ص:  >  >>