للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبارة كان أحسن (ولم يزل باكيا حياته كلّها) أي في جميع مدة عمره إلى حالة مماته بعد تلك الواقعة؛ (وقيل بكى) بل روى ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعا وعن مجاهد وغيره أنه بكى (حتّى نبت العشب) بضم فسكون هو الحشيش (من دموعه) أي من كثرة وقوع دموعه على الأرض (وحتّى اتّخذت الدّموع في خدّه أخدودا) أي شقا مستطيلا ممدودا والمعنى أثرت في خده أثرا كالشق والحفر الطويل في الأرض ومنه قوله تعالى قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وهو مفرد جمعه أخاديد (وقيل) كما في الكشاف وغيره (كان يخرج متنكّرا يتعرّف سيرته فيسمع الثّناء عليه) أي في غيبته (فيزداد تواضعا) أي لربه شكرا لمزيد نعمته؛ (وقيل لعيسى عليه السّلام) كما رواه أحمد في الزهد وابن أبي شيبة في مصنفه (لو اتّخذت لك حمارا) أي لو اخترته لتركبه أحيانا عند الحاجة إليه (قال أنا أكرم على الله تعالى من أن يشغلني بحمار) أي بأن يتعلق قلبي به وبكلفته وخدمته ويشغلني بفتح الغين فإن الاشغال لغة رديئة؛ (وكان) كما روى أحمد في الزهد عن عبيد بن عمير ومجاهد والشعبي وابن عساكر في تاريخه أنه كان (يلبس الشّعر) أي ثوبه (ويأكل الشّجر) أي ورقه (ولم يكن له بيت) أي مسكن يأوي اليه. (أَيْنَمَا أَدْرَكَهُ النَّوْمُ نَامَ؛ وَكَانَ أَحَبُّ الْأَسَامِي) جمع الأسماء (إليه أن يقال له مسكين) وقد رواه أحمد في الزهد عن سعد بن عبد العزيز بلفظ بلغني أنه ما من كلمة كانت تقال لعيسى ابن مريم أحب إليه من أن يقال هذا المسكين؛ (وقيل) كلمة رواه أحمد أيضا في الزهد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه موقوفا (إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مدين) سمي باسم ابن إبراهيم الخليل (كانت ترى خضرة البقل) أي الذي كان يأكله بعد خروجه من مصر خائفا يترقب متوجها إلى مدين (في بطنه من الهزال) بضم الهاء نقيض السمن على ما في القاموس فبطل قول التلمساني هو الضعف قيل وصوابه لو قال من الطوى أو الجوع انتهى ولا يخفى بعده عن المدعي وهو متعلق بقوله كانت ترى وتعليله كما ترى. (وقال عليه الصلاة والسلام) كما رواه الحاكم وصححه عن أبي سعيد مرفوعا (لَقَدْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي يُبْتَلَى أَحَدُهُمْ بِالْفَقْرِ) أي بشدة الحاجة في مطعمه (والقمل) أي بكثرته في ثوبه وبدنه (وكان أحبّ إليهم من العطاء إليكم) رضي بقضاء المولى وعلما بأن ما أعده الله لهم خير وأبقى وقد أورد المؤلف هذا الحديث في الفصل الأخير من القسم الثالث بطريق آخر وهو وقوله وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا وَضَعَ يده على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى قوله فقال النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ يُضَاعَفُ لَنَا الْبَلَاءُ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ لَيُبْتَلَى بِالْقَمْلِ حَتَّى يقتله وإن كان النبي ليبتلى بالفقر وإنهم كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء. (وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِخِنْزِيرٍ لَقِيَهُ اذْهَبْ بسلام) أي مناو منك (فقيل له في ذلك) استعظاما لمرتبته مع الخنزير في حقارته (فَقَالَ أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ لِسَانَيِ الْمَنْطِقَ بِسُوءٍ) أي النطق به لقوله سبحانه وتعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>