للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء وأقره السهيلي على ذلك وفي سيرة ابن هشام أنه بلغه عن عبد الله يعني ابن الزبير في حج إبراهيم البيت وفي آخره وكان إبراهيم يحجه كل سنة على البراق انتهى ونقل القرطبي في تذكرته قبيل أبواب الجنة بيسير عن ابن عباس ومقاتل والكلبي في قوله تعالى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ أن الموت والحياة جسمان فيجعل الموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه شيء إلا مات وخلق الحياة في صورة فرس انثى بلقاء وهي التي كان جبريل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يركبونها خطوها مد البصر فوق الحمار دون البغل لا تمر بشيء يجد ريحها الا حيي إلى أن قال حكاه الثعلبي والقشيري عن ابن عباس والماوردي عن مقاتل والكلبي وفيها أيضا في صفة الجنة ونعيمها أن البراق يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضها وهذا من كلام الترمذي الحكيم وحديث فما ركبك أحد أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم صريح في ذلك وكل هذا يرد على النووي كذا قاله الحلبي لكن فيه بحث إذ ليس فيما ذكر نقل صحيح ولا دليل صريح على أن البراق واحد مشترك فيه فعلى تقدير صحة التعدد ينبغي أن يجعل اللام للجنس جمعا بين الروايات وأن يكون لكل نبي براق لكن أخرج الطبراني عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا وأبعث على البراق فهذا يشير إلى اختصاصه عليه السلام يومئذ به واشتراكه قبل ذلك اليوم وقد ذكر السيوطي في البدور السافرة قال معاذ وأنت تركب العضباء يا رسول الله قال لا تركبها ابنتي وأنا على البراق اختصصت به دون الأنبياء يومئذ الحديث فهذا ظاهره اتحاد البراق مع احتمال اختصاصه بركوبه صلى الله تعالى عليه وسلم دون الأنبياء حينئذ والله تعالى أعلم وقد جاء في بعض الروايات أن جبريل عليه الصلاة والسلام أيضا ركب معه عليه الصلاة والسلام والظاهر أنه ركب خلفه بل جاء صريحا فيما رواه الطبراني في الأوسط من رواية محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبيه أن جبريل أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالبراق فحمله بين يديه الحديث قال الطبراني لا يروى عن ابن أبي ليلى إلا بهذا الإسناد قال الحلبي وهو معضل ويرده قول العسقلاني ليس بمعضل بل سقط عليه قوله عن جده وهو ثابت في أصل الطبراني انتهى وفي مسند أبي يعلى عن علقمة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال أتيت بالبراق فركب خلفي جبريل عليه السلام الحديث قال الحلبي فهذا نقل في المسألة ولكنه مرسل قلت والمرسل حجة عند الجمهور وقد ذكر ابن حبان في صحيحه أن جبريل عليه السلام حمله على البراق رديفا له قال الحلبي هذا وما تقدم يتعارضان لكن حديث أبي يعلى ضعيف ولو صح لجمع بينهما بأنه تارة ركب هذا ذهابا أو إيابا والآخر كذلك إذا قلنا إن الإسراء مرة وهو الصحيح على ما قاله بعضهم قلت الصواب في دفع التعارض والجمع بين التناقض أن يجعل رديفا حالا من الفاعل في حمله على ما هو الظاهر ليكون الضميران المستتران لجبريل عليه السلام والبارزان له صلى الله تعالى عليه وسلم وهو المقتضي للأدب خصوصا في الرسول بالنسبة إلى المطلوب المحبوب ويؤيده أنه صلى الله تعالى عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>