للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإبداله مدغما ولعل التاء للمبالغة أو باعتبار كونه آنية (ثلجا) بسكون اللام وهو ماء جامد لأنه يبرد القلب وينظفه وقد روي حكمة وفسرت بالنبوة والأولى تفسيرها بإتقان العلم وإحسان العمل (فأخذاني) أو فأخذوني (فشّقا بطني) أو شقوه (قال) ووقع في أصل الدلجي وقال (فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ نَحْرِي إِلَى مراقّ بطني) بفتح الميم وتخفيف الراء وتشديد القاف لا واحد له من لفظه وميمه زائدة أي من أعلى صدري إلى مارق ولان من بطني (ثم استخرجا) أي أخرجا أو اخرجوا (منه قلبي فشقّاه) أي قلبي (فاستخرجا منه علقة) أي قطعة دم منعقدة (سوداء) يكون فيها الحسد والحقد والشهوة النفسية وسائر الأخلاق الرديئة (فطرحاها) أي رمياها بقوة وفي رواية مسلم وقالا هذه حظ الشيطان منك قال العلامة تقي الدين بن السبكي تلك العلقة خلقها الله تعالى في قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها فأزيلت من قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يكن فيه مكان قابل لأن يلقي الشيطان فيه شيئا قال فهذا معنى الحديث فلم يكن للشيطان فيه صلى الله تعالى عليه وسلم حظ قط فإن قلت لم خلق هذا القابل في هذه الذات الشريفة وكان يمكن أن لا يخلقه فيها قلت لأنه من جملة الاجزاء الانسانية فخلقه تكملة للخلق الإنساني ونزعه أمر ثان طرأ بعده انتهى ونظيره خلق الأشياء الزائدة في بدن الإنسان من القلفة وتطويل الظفر والشارب وأمثال ذلك فلله الحكمة البالغة وعلى العبد احتمال الكلفة (ثُمَّ غَسَلَا قَلْبِي وَبَطْنِي بِذَلِكَ الثَّلْجِ حَتَّى أنقياه) أي نظفاه عن تلوت تعلق العلقة قال التلمساني شق قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم مرتين مرة في صغره عند ظئره وذلك ليذهب عنه حظ الشيطان ومرة عند الإسراء ليدخل على طهارة ظاهرة وباطنة على الرحمن قلت ومرة عند نزول القرآن في جبل حراء على ما ذكره أبو نعيم والطيالسي وغيره على ما في المواهب اللدنية وقد قيل شق صدره مرة في صباه ليصير قلبه مثل قلوب الأنبياء ومرة ليلة المعراج ليصير قلبه مثل قلوب الملائكة قلت ومرة عند نزول الوحي ليصير مثل قلوب الرسل والله تعالى أعلم. (قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ ثُمَّ تَنَاوَلْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَإِذَا بِخَاتَمٍ فِي يَدِهِ مِنْ نُورٍ يحار) بفتح أوله أي يتحير (النّاظر دونه) أي عنده فلا يدري كيف يهتدي إلى معرفة كنهه (فختم به قلبي) أي لئلا يصل إليه ما لا يليق بجناب ربي (فامتلأ إيمانا وحكمة) أي إيقانا وإحسانا أو علما وفهما (ثمّ أعاده) أي رده (مكانه وأمرّ) بتشديد الراء أي أذهب (الآخر) أي منهما (يده على مفرق صدري) بفتح الميم والراء وبكسر الراء ذكره الشمني والحلبي وقال الدلجي بكسر الميم مع فتح الراء وبفتحها مع كسرها انتهى لا يخفى أن كسر الميم الموضوع للآلة غير مناسب هنا فإنه وسط الرأس حيث يفرق فيه الشعر في أصل اللغة إلا أنه استعير هنا لموضع الشق (فالتأم) بهمزة مفتوحة بعد التاء أي فاجتمع أو التحم وانتظم (وفي رواية) أي للدارمي وأبي نعيم في الدلائل (إنّ جبريل قال قلب) أي هذا قلب (وكيع أي شديد) تفسير من أحد الرواة ومعناه متين في العلم ومحكم في الفهم كما يشير إليه قوله (فيه) وفي أصل التلمساني له (عينان تبصران) أي تدركان

<<  <  ج: ص:  >  >>