للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنس العرب ولا ينافي ما اخترناه من العموم فتح الفاء لأنه إذا كان أشرف جنس العرب فيكون أفضل سائر الأجناس فإنهم أكرم الناس لما تقرر في محله وأما من اختار أهل مكة فلما أشار إليه المصنف بناء على قراءة الضم. (أَنَّهُ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، يَعْرِفُونَهُ) اي محله ومرتبته بحليته ونعته (ويتحقّقون مكانه) أي مكان ولادته ونسبه ورتبته أو رفعة قدره وعلو شأنه ويؤيده ما في نسخة مكانته وهو مخل بالتسجيع لما قبله ملائم لقوله (ويعلمون صدقه، وأمانته، فلا يتّهمونه بالكذب) في دعوى رسالته أي ولذا كانوا يسمونه محمد الأمين لكمال ديانته (وترك النّصيحة لهم) أي وترك ارادة الخير لهم (لكونه منهم) وهو أبعد للتهمة في ترك النصيحة في حقهم، (وأنّه) بالفتح عطف على أنه السابق الواقع مفعولا ثانيا لا علم ولا يبعد أن يكون مجرور المحل معطوفا على كونه والحاصل أنه: (لَمْ تَكُنْ فِي الْعَرَبِ قَبِيلَةٌ إِلَّا وَلَهَا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) على للمصاحبة كقوله تعالى وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ أي مع رسول الله (ولادة) ، أي قرابة قريبة (أو قرابة) أي بعيدة، (وهو) أي هذا المعنى المستفاد من قوله وأنه الخ (عند ابن عبّاس) ، كما رواه عنه البخاري والطبراني (وغيره) أي من المفسرين (مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى: ٢٣] ) في قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على التبليغ أجرا إلا المودة أي لكن المودة في القربى لازمة من الجانبين وأنا لا أقصر في نصيحتكم وإرادة الخير لكم ومحبتكم فيجب عليكم أيضا أن تجتهدوا في متابعتي ونصرتي ودفع الاذى عن أهل ملتي (وكونه) قال الحلبي هو بالرفع لكن الظاهر كما اقتصر عليه الدلجي أنه بالجر عطفا على قوله والمعنى وهو معنى كونه عليه السلام (من أشرفهم) أي نسبا، (وأرفعهم) أي حسبا، (وأفضلهم) أي سخاوة ونجادة (على قراءة الفتح) أي بناء عليها (وهذه) أي المنقبة (نهاية المدح) أي من هذه الجهة، (ثمّ وصفه) أي الله سبحانه وتعالى (بعد) بالضم أي بعد قوله من أنفسكم (بأوصاف حميدة، وأثنى عليه بمحامد) بالمنع جمع محمدة بمعنى مدحة (كثيرة) أي عديدة: (من حرصه على هدايتهم) أي دلالتهم على العقائد الدينية، (ورشدهم) أي إرشادهم إلى ما فيه صلاح أمورهم من الأحكام الشرعية، (وإسلامهم) أي انقيادهم واستسلامهم للحوادث الكونية بقوله حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ (وشدّة ما يعنتهم) من الأفعال والتفعيل أي ما يشق عليهم ولا يطيقونه، (ويضرّ بهم) ضبط في نسخة بضم الياء وكسر الضاد وهو غير صحيح لوجود الباء في مفعوله وقول الدلجي إن الباء زائدة غير صحيح ففي القاموس ضره وبه وأضره والصواب ضبطه بفتح وضم التقدير وما يضرهم (في دنياهم وأخراهم وعزّته عليه) أي ومن غلبة ما يعنتهم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لقوله عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ وكان الأولى مراعاة الترتيب القرآني كما لا يخفى بأن يقدم قضية العزة على الشدة ثم يقول. (ورأفته، ورحمته بمؤمنيهم) أي ومؤمني غيرهم وفي نسخة بمؤمنهم بصيغة الإفراد على إرادة الجنس بطريق الاستغراق

<<  <  ج: ص:  >  >>