للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن جرير (وابن حنبل) أي الإمام أحمد صاحب المذهب (وجماعة عظيمة) أي رتبه وكثرة (من المسلمين وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ والمتكلّمين والمفسّرين وقالت طائفة) أي من الجامعين بين الروايات المختلفة (كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس) يروى يقظة في المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (وإلى السّماء بالرّوح) أي مناما وهذا يشبه قول المعتزلة (وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الإسراء: ١] ) ووجه الاحتجاج ما بينه المصنف بقوله (فَجَعَلَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى غَايَةَ الْإِسْرَاءِ الَّذِي وقع التّعجّب فيه بعظيم القدرة) أي المؤثرة وفق الإرادة حيث كان في سيره ساعة طي مسافة كثيرة والتعجب من لوازم المعجزة وإن صدر من أعدائه على طريق الاستحالة (والتّمدّح) أي ووقع التمدح (بتشريف النّبيّ محمّد) صلى الله تعالى عليه وسلم (به) أي بالإسراء نفسه (وإظهار الكرامة له) أي ووقع إظهار الكرامة له صلى الله تعالى عليه وسلم (بالإسراء إليه) أي إلى المسجد الأقصى بخصوصه (قال هؤلاء) أي الذاهبون إلى المذهب الثالث في الإسراء (وَلَوْ كَانَ الْإِسْرَاءُ بِجَسَدِهِ إِلَى زَائِدٍ عَلَى المسجد الأقصى لذكره) أي سبحانه في كتابه (فيكون) أي ذكره فيه (أبلغ في المدح) أي في مقام مدحه من عدم ذكره ولعل الحكمة في ذلك أن يكون الإيمان في هذه القصة ثابتا بمجموع الكتاب والسنة؛ (ثمّ اختلفت هذه الفرقتان) أي الثانية والثالثة في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم (هل صلّى ببيت المقدس أم لا) فقيل نعم (فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صلاته فيه) أي بالأنبياء وسبق أنه صلى الله تعالى عليه وسلم مع الملائكة ولا منع من الجمع (وأنكر ذلك) أي كون صلى الله تعالى عليه وسلم صلى فيه (حذيفة بن اليمان وقال) أي حذيفة كما رواه أحمد عنه (والله ما زالا) أي النبي وجبريل عليهما السلام (عن ظهر البراق حتّى رجعا) وهو بعيد جدا لما سبق صريحا فيما ورد صحيحا من ربط البراق بباب المسجد وصلاته فيه على ما هو اللائق بأدب المسجد من التحية التي هي السنة فيه ثم من القواعد المقررة أن المثبت مقدم على النافي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (قال القاضي رحمة الله تعالى عليه والحقّ من هذا) أي ما ذكر (والصّحيح إن شاء الله تعالى) استثناء للتبرك بمنزلة والله تعالى أعلم (إِنَّهُ إِسْرَاءٌ بِالْجَسَدِ وَالرُّوحِ فِي الْقِصَّةِ كُلِّهَا وعليه) أي وعلى هذا (تدلّ الآية وصحيح الأخبار) أي مجموعهما على جميعها غايته أن دلالة الآية على الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى نص قاطع يكون جاحده كافرا أو منافقا ودلالة الاحاديث على اسرائه إلى السماء وسدرة المنتهى ومقام قاب قوسين أو أدنى ظنية منكر يكون مبتدعا فاسقا (والاعتبار) بالرفع معطوف على ما قبله على ما اقتصر عليه الحلبي ولا يبعد أن يكون مجرورا بالعطف على الإخبار والمراد به المقايسة يعني إذا ثبت اسراؤه من الحرام إلى الحرام معجزة بدلالة الآية فيجوز اسراؤه إلى السماء بالمقايسة المقرونة بالأحاديث الثابتة إذ لا فرق بينهما في تعلق الإرادة والقدرة (ولا يعدل عن الظّاهر)

<<  <  ج: ص:  >  >>