للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطبراني وابن جرير عنها أنها قالت (ما أسري برسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ فِي بَيْتِي تِلْكَ اللّيلة) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن الحرم كله مسجد أي لإحاطته بالمسجد والتباسه به فلا ينافي قوله تعالى من المسجد الحرام (صلّى العشاء الآخرة) أي بأن خرج منه ودخل الحجر فصلى فيه (ونام بيننا) أي فيما بيننا بأن رجع ونام مع أهل بيت أم هانىء وهو كناية عن أنه كان بعد صلاة العشاء الآخرة عندهم في مكة فبيننا بمعنى عندنا وقد تصحف على الدلجي بقوله شيئا أي نام شيئا من الليل أو بعضا من النوم (فلمّا كان قبيل الفجر أهبّنا) بتشديد الموحدة أي أيقظنا (رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) وظاهر هذا الحديث أن الإسراء إنما كان في الثلث الأخير من الليل وهو وقت السحر وزمان التهجد للعبادة على أنه لا يلزم من إيقاظه لهم حينئذ أن يكون عقب نزوله إذ يمكن أنه كان في المسجد مشتغلا بالطواف والعبادة فلما قارب الصحيح رجع إليهم وأيقظهم (فلمّا صلّى الصّبح) أي نقلا أو كانت صلاتان فريضة قبل الإسراء صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها والأظهر أنه صلى الصبح المفروض في ليلة الإسراء من جملة الخمس (وصلّينا) أي معه أو بدونه (قال يا أمّ هانىء لقد صلّيت معكم العشاء الآخرة) فيه نوع تغليب أن صلت معه صلى الله تعالى عليه وسلم حقيقة أو معنى (كما رأيت بهذا الوادي) أي وادي مكة لإحاطة الجبال بها (ثمّ جئت بيت المقدس) أي ذهبت إليه (فصلّيت فيه) أي صلاة التهجد مع الأنبياء والملائكة (ثمّ صلّيت الغداة) أي صلاة الغدوة وهي الصبح (معكم الآن كما ترون) أي كما رأيتم فالعدول عن الماضي إلى المضارع لاستحضار الحال الماضية. (وهذا بين) بتشديد التحتية المكسورة أي وهذا الحديث برهان ظاهر (في أنّه) أي الإسراء (بجسمه) أي لا بروحه فقط ولا ينافي قولها وصلينا أنها اسلمت عام الفتح وهو بعد الإسراء بكثير لأن المراد بضمير الجمع جماعة قد اسلموا قبل ذلك وصلوا هنالك وأما قول الدلجي إنه ليس من قولها بل أدرجه الراوي في كلامها فمحمل بعيد وتأويل غير سديد وكذا تأويل الشمني أن معنى صلينا هيأنا له ما يحتاج إليه في الصلاة ثم هذا كله مبني على أن المعراج من بيت المقدس وأنه مع الإسراء في ليلة واحدة وأما على أنه من مكة وأنه ليس مع الإسراء في ليلة واحدة فقولها صلى الصبح على حقيقية من غير تأويل لأن الصلوات الخمس فرضت ليلة المعراج وهو على هذا القول كان في رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا والإسراء كان في الربيع الأول قبل الهجرة بسنة. (وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ رِوَايَةِ شَدَّادِ بْنِ أوس عنه) أي كما رواه البيهقي وابن مردويه (أنّه قال للنّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ طَلَبْتُكَ يَا رسول الله البارحة في مكانك) أي في محلك المعتاد أول الليلة أو آخرها (فَلَمْ أَجِدْكَ فَأَجَابَهُ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ) أي بأنه (حملني) وهو الظاهر المتبادر فلا يحتاج إلى تكلف الدلجي من غير نص على كسر أن حيث قال التقدير فأجابه قوله له إن جبريل حملني أي على البراق (إلى المسجد الأقصى) ثم هذا الحديث أيضا دليل ساطع على أن الإسراء كان يقظة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>