للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصريح به أن يعبروا عنه بقولهم وذكر كلمة أي كلمة عظيمة (فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى الحديث) وهذا حديث جليل ولفظه طويل ونفعه جزيل فلا بد من إيراده ليقع الوقف على مراده فقد رواه أحمد وغيره عن معاذ قال صلى الله تعالى عليه وسلم صلاة الغدوة ثم أقبل علينا فقال إني سأحدثكم إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست وفي رواية فوضعت جنبي فإذا أنا بربي في أحسن صورة وهو حال منه صلى الله تعالى عليه وسلم أو من ربه ولا إشكال فيه كما قال البيضاوي إذ قد يرى النائم غير المتشكل متشكلا وعكسه ولا يعد ذلك خللا في الرؤيا ولا في خلد النائم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ورواية المصابيح فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قلت أنت أعلم أي رب مرتين قال فوضع كفه وفي رواية يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي وفي رواية فوجدت برد أنامله بين ثديي فعلمت ما في السماء والأرض وفي الرواية الثانية فتجلى لي كل شيء وعرفت ما في السماء والأرض ثم تلا هذه الآية وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ثم قال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قلت في الكفارات قال وما هن قلت المشي على الأقدام إلى الطاعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وفي رواية خلف الصلوات وإبلاغ الوضوء وأماكنه على المكاره وفي رواية في المكاره من يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكن من خطيئته كيوم ولدته أمه ومن الدرجات إطعام الطعام وبذل السلام وأن يقوم بالليل والناس نيام ثم قال قل اللهم إني اسألك الطيبات وترك المنكرات وفعل الخيرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي وإذا اردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون قال الأنطاكي واعلم أن من العلماء من امتنع عن الكلام في تأويل قوله عليه الصلاة والسلام في أحسن صورة منهم أحمد بن حنبل روي أنه هجر أبا ثور في تأويله قوله عليه الصلاة والسلام إن الله خلق آدم على صورته ومنهم من تكلم فيه فقيل قوله (في أحسن صورة) يحتمل أن يكون حالا من الرائي وهو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومعناه رأيته وأنا في أحسن صورة وصفة من غاية انعامه ولطفه تعالى علي ويحمل أن يكون حالا من المرئي وهو الرب جل جلاله وصورته تعالى ذاته المخصوصة المنزهة عن المماثلة وقال الخطابي الصورة ترد في كلام العرب على ظاهرها وعلى معنى حقيقة الشيء وعلى معنى صفته يقال صورة هذا أمر كذا وكذا أي صفته وقال وهو المراد هنا وقال في جامع الأصول المراد أنه في أحسن صفته ثم المراد بالاختصام تقاولهم في فضل تلك الأعمال واي بفتح الهمزة بمعنى يا وقوله مرتين متعلق بقوله فقال فيم يختصم الخ أي جرى السؤال من ربي والجواب مني مرتين وقوله فوضع كفه بين كتفي كناية عن تخصيصه تعالى إياه بمزيد الفضل وإيصال الفيض إليه وإلا فلا كف ولا وضع حقيقة كما أن من عادة الملوك إذا أراد أحدهم أن يقرب بعض خدمه من نفسه ويذكر معه أحوال مملكته أن يضع يده على ظهره ويلقى ساعده على عنقه تلطفا به وتعظيما لشأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>