للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الله تعالى وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ والفقير الحقيقي هو الذي يرى دوام افتقاره في حال اضطراره واختياره (وأنا أكرم الأوّلين والآخرين ولا فخر) أي إلا بالغيبة عنهم وبالحضور مع ربهم (وعن أنس رضي الله تعالى عنه) كما روى مسلم (أنا أوّل النّاس يشفع) وفي نسخة يشفع بتشديد الفاء المفتوحة (في الجنّة) أي لرفع درجات المطيعين ولدخول العصاة من المؤمنين (وأنّا أكثر النّاس) أي من الأنبياء (تبعا) ولفظه في مسلم على ما في الجامع الصغير أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة (وعن أنس رضي الله تعالى عنه) كما في الصحيحين (قال النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وتدرون لما ذلك) كأنه قيل الله ورسوله أعلم فقال أو لما علم أنهم لا يدرون ما هنالك قال (يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. وَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ) وهو إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم ليشفع لهم فيقول لست لها إلى أن قال فيأتونني فأقول أنا لها الحديث أي أنا الكائن لها والمتكفل بها ومن ثمة قيل أنت لها أحمد من بين البشر (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَطْمَعُ أَنْ أَكُونَ أَعْظَمَ الأنبياء أجرا يوم القيامة) لأنه أعظمهم في المشقة بما كلف من عموم الدعوة مع تمرد الكفرة وعتو الفجرة أو المعنى أكثرهم أجرا لكون أمته أكثرهم نفرا. (وفي حديث آخر) أي عنه أو عن غيره (أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ وَعِيسَى فِيكُمْ) أي محشورين في جملتكم (يوم القيامة) أما تخصيص إبراهيم عليه السلام فلقوله تعالى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذا النبي والذين آمنوا ولموافقته في كمال التوحيد في مقام التفريد كما يشير إليه قوله تعالى ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ولكونه جده ومنه جده وأما عيسى عليه السلام فلما أنه يتبعه في ملته بعد نزوله من رفعته ويدفن بعد موته في تربته (ثُمَّ قَالَ إِنَّهُمَا فِي أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أمّا إبراهيم فيقول أتت دعوتي) أي أثر إجابة دعائي حيث قلت في ندائي رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ (وذرّيتي) أي وأنت من ذريتي المذكورة في دعوتي أيضا بقولي رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ الآية ولا نزاع أنه من نسل ولده إسماعيل وأنه لم يبعث منهم بني سواه فهو المجاب به دعوته (وأمّا عيسى عليه السلام فالأنبياء) أي جميعهم (أخوة) أي أولاد أب واحد حقيقة وكذا حكما لاتفاقهم فيما بعثوا لأجله من توحيد وإيمان بما يجب تصديقه ودعوة الخلق إلى الحق وإرشادهم إلى نظام معاشهم وتمام مرادهم في معادهم فتساويهم في أصولهم اعتقادا كان لهم واحد ولتفاوتهم واختلافهم في بعض فروعهم عملا (بنو علّات) بفتح عين مهملة وتشديد لام أي أولاد أمهات مختلفات وأبوهم واحد وبنو الاخياف لمن أمهم واحدة والآباء مختلفون وبنو الاعيان لمن أمهم واحدة وكذا أبوهم واحد كما بينه بقوله (أمّهاتهم شتّى) بفتح شين وتشديد تاء شتيت جمع كمرضى جمع مريض أي متفرقات في نسبة الولادات التي يتولد منها الاختلافات، (وإنّ عيسى أخي) أي بالخصوص من حيث إنه بشر بي قبلي وقام بديني بعدي ويروى وأن عيسى (ليس بيني وبينه نبيّ) ففيه كمال اتصال له بي وكأنه جار لي في

<<  <  ج: ص:  >  >>