للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع تتمة قوله فيئط أي يصوت كما يئط الرجل الجديد من تضايقه به أي لعظمة تجليه عليه وهو أي الكرسي يسع السماء والأرض ويجاء بكم حفاة عراة غرلا بضم فسكون أي قلفا غير مختونين لقوله تعالى كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فيكون أول من يكسى إبراهيم لأنه أول من عري في ذات الله حين ألقي في النار والظاهر أن الأول هنا إضافي لقوله عليه الصلاة والسلام فيما سبق ويكسوني ربي حلة خضراء مع أنه لا بدع أن يكون في المفضول بعض ما لا يوجد في الفاضل لا سيما وهو في مقام البنوة وحالة التبعية في مرتبة النبوة يقول الله تعالى اكسوا خليلي فيؤتى بريطتين أي ملاءتين رفيعتين بيضاوين من رياط الجنة ثم أكسى على أثره بفتحتين وبسكر فسكون أي على عقبه وهو يحتمل أن يكون خلعة أخرى بعد ما سبقت له الكسوة الأولى ثم أقوم عن يمين الله أو يمين عرشه أو كرسيه أو جانب يمينه حال تجليه مقاما يغبطني الأولون والآخرون أي يتمنون أن يعطوا مثل ما أعطى ولا ينالونه أبدا.

(وعن أبي موسى) أي الأشعري مات بمكة وقيل بالكوفة (عنه عليه الصلاة والسلام) كما رواه ابن ماجة (خيّرت) بصيغة المجهول أي جعلت مخيرا ورواية المصابيح أتاني آت فخيرني (بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة) أي من غير حساب وعذاب (وبين الشّفاعة) أي في هذا الباب (فاخترت الشّفاعة) أي من أول الوهلة (لأنّها أعمّ) أي في المنفعة والظاهر أن هذه الشفاعة دون الشفاعة العظمى مختصة بهذه الأمة إما لإدخال جماعة الجنة بغير محاسبة أو لمن استحق دخول النار فلا يدخلها أو لمن دخلها فيخرج منها وفي الجملة الشفاعة ثابتة على ما أجمع عليه أهل السنة لقوله تعالى يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ولا عبرة بمنع الخوارج وبعض المعتزلة مستدلين بقوله تعالى فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ فإنه مخصوص بالكافرين وأما تخصيصهم أحاديث الشفاعة بزيادة الدرجات في الجنة فباطل لتصريح الأدلة بإخراج من دخل النار من المؤمنين منها كما يشير إليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم (أترونها) بالاستفهام الإنكاري بمعنى النفي وبضم التاء وفتح الراء أي لا تظنون الشفاعة التي اخترتها (للمتّقين) أي عن المعاصي خاصة، (ولكنّها) وفي نسخة لا ولكنها الشفاعة (للمذنبين الخطّائين) وفي نسخة للمؤمنين أي الكاملين وفي أخرى للمنقين بفتح النون وتشديد القاف المفتوحة والظاهر أنه تصحيف عن الدلجي حيث اقتصر عليه نعم رواية ابن عرفة أترونها للمنقين ولكنها للمذنبين الملوثين فالتلويث يناسب التنقية في مقام المقابلة ثم رأيت الحلبي قال وهو كذا في أصلنا لسنن ابن ماجة وهو أصل صحيح وقفه الملك المحسن وقد كتب تجاهه على الهامش ن ق وعليها تصحيح مرتين والله تعالى أعلم ثم الخطائين بتشديد الطاء أي المبالغين في الخطأ أي بالتعمد أو الكثرة أو العظمة ويؤيده قوله عليه السلام فيما رواه أبو داود والترمذي شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وفي نسخة الخاطئين وفي أخرى للخاطئين بإعادة العامل تأكيدا. (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) أي قال كما في نسخة وقد رواه البيهقي عنه وكذا شيخه أبو عبد الله الحاكم وصححه

<<  <  ج: ص:  >  >>