للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصر الرحمن لأن الله يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق حساب العبد الواحد على انفراده ويبصرون ما يصير إليه هذا وقد روي أن صفوف أهل الجنة مائة وعشرون صفا منها ثمانون لأمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وباقيها لغيرهم زاد كعب ما بين كل صفين كما بين المشرق والمغرب (عراة) لا ثياب على بدنهم ولا نعال بأرجلهم وفي رواية حفاة وزاد الشيخان في روايتهما غرلا بضم الغين المعجمة وسكون الراء جمع أغرل وهو الأقلف (كما خلقوا) أي أول مرة (سكونا) أي غير ناطقين (لا تكلّم) بحذف إحدى التاءين أي لا تتكلم (نفس) أي بما ينفع أو ينجي من جواب أو شفاعة (إلّا بإذنه) كقوله تعالى لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وهذا في موقف وأما قوله هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ففي موقف آخر أو المأذون فيه هو الجوابات الحقة والممنوع منه هو الاعتذارت الباطلة (فينادى) بصيغة المفعول (محمّد) بالرفع والتنوين على أنه نائب الفاعل وفي رواية بالضم على حذف حرف النداء يؤيد الأول قوله (فيقول لبّيك) أي أحببت لك إجابة بعد إجابة (وسعديك) أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة (والخير في يديك) أي بتصرفك وفي حيز إرادتك وقدرتك في الدنيا والعقبى كما قال الله تعالى وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (والشّرّ ليس إليك) أي منسوبا وإن كنت خالقه أدبا أولا يتقرب به إليك أصلا أو لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك الخير قولا وعملا أو ليس الشر بالنسبة إلى حكمك وحكمتك فإنك لا تحكم باطلا ولا تخلق عبثا وإلا فمن المعلوم عند أهل الحق من أهل السنة والجماعة أن جميع الكائنات خيرها وشرها ونفعها وضرها وحلوها ومرها من الله تعالى ومنسوبة إلى خلقه على وجه اراده (والمهتدي) أي في الحقيقة وفي نسخة والمهدي (من هديت) أي بخلق الهداية وتوفيق الطاعة وتحقيق الرعاية (وعبدك بين يديك) أي حاضر معتمد عليك (ولك) أي الحكم والقضاء (وإليك) أي مرجع الخلق والأمر في الابتداء والانتهاء (لا ملجأ) بالهمز مقصورا (ولا منجى) بالقصر وقد يهمز للازدواج وقد يبدل همز الأول ألفا للمشاكلة أي لا مستند ولا معتمد ولا ملاذ ولا معاذ (منك) أي من قضائك (إلّا إليك) أي بالرجوع إلى ساحة فنائك (تباركت) أي تكاثر خيرك (وتعاليت) أي تعظم شأنك (سبحانك ربّ البيت) بالنصب على النداء وجوز رفعه على الابتداء أي أنت رب البيت والإضافة للتشريف (قال) أي حذيفة (فذلك) أي المجمع المذكور والمقال المسطور هو (المقام المحمود الذي ذكره الله) . أي ذكره في كتابه المشهور بقوله عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (وقال ابن عبّاس) لفظه موقوف وحكمه مرفوع (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ الجنّة) لعل تقديم أهل النار للاشعار بأنها ممر الأبرار والفجار أو لأن ذكر النعمة أوقع في النفس بعد ذكر النقمة أو ترهيبا في أول الوهلة من أهوالها وترغيبا في الجنة نظرا إلى حسن مآلها (فيبقى آخر زمرة) أي جماعة (من الجنّة) أي من زمر أهلها باقية في النار (وآخر زمرة من النّار) أي ثابتة فيها (فتقول زمرة النّار) أي من الكفار (لزمرة الجنّة)

<<  <  ج: ص:  >  >>