النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ثمّ ضرب) أي جبريل (بيده إلى طينته) بالإضافة وفي نسخة إلى طينة بالتنكير وتاء التأنيث أي من طينه (فاستخرج مسكا) أي شيئا هو مسك أو كمسك وسماه طينا جريا على غالب العادة في كون مقر الماء طينا أو بحسب الصورة. (وعن عائشة وعبد الله بن عمرو) بالواو (مثله) أي مثل حديث أنس قبله (قال) أي في حديثهما (ومجراه) أي جريان مائة (على الدّرّ) اسم جنس واحده درة وكذا قوله (والياقوت) أي ومن تحتهما المسك كالطين تحت حصى الماء فلا منافاة بين حديثهم (وماؤه أحلى) أي أكثر حلاوة وأشد لذاذة (من العسل وأبيض) وفي رواية وأشد بياضا (من الثّلج) وفي رواية أبيض من اللبن قال الدلجي ولا يلزم من كونه أحلى من العسل الاستغناء به عن أنهار العسل المصفى في الجنة لأنها ليست للشرب انتهى ولا يخفى أن نفي كونها للشرب يحتاج إلى بيان حجة في تحقيق المدعي والتحقيق أن الأنهار الأربعة عامة لأهل الجنة والكوثر موضوع للخاصة مع أنه قد يقال التقدير وماؤه أحلى من العسل الموجود في الجنة باعتبار كمال اللذة (وفي رواية عنه) أي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فإذا هو) أي ماؤه (يجري) أي على وجه الأرض من غير نهر (ولم يشقّ) بصيغة الفاعل وفي نسخة بصيغة المفعول (شقّا) أي لم يمل إلى شق من أحد طرفيه بل يجري جريا مستويا كما أراده سبحانه أو تمناه صاحبه من أهل الجنة (عليه) أي على النهر (حديث حوض) أي عظيم (ترد عليه) وفي نسخة صحيحة ترده (أمّتي) أي ضيافة في الجنة أو يوم القيامة والثاني أظهر لقوله (وذكر) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (الحوض) ومطلقه ينصرف إلى الأشهر مع احتمال التعدد فتدبر ومعنى كون الحوض على النهر اعتماده عليه من حيث إن ماءه ممتد من مائة ومنتهى إليه إذ النهر في الجنة والحوض خارجها لما ورد ليردن على الحوض أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم مني فيقال لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي (ونحوه) أي ونحو ما ذكر عن المذكورين مروي (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا) كما في البخاري (قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ) أي ومنه الحوض وغيره ولعله لم يصفه بالكثير كما في بعض الروايات لما يستفاد من الصيغة للمبالغة. (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّهْرُ الَّذِي فِي الجنة من الخير الذي أعطاه الله تعالى) أي لأنه مقصور على النهر أو الحوض بل الكوثر أتم وأعم والله تعالى أعلم. (وعن حذيفة فيما ذكر عليه الصلاة والسلام عن ربّه) أي روايا عنه (وأعطاني الكوثر نهرا من الجنّة) بنصب نهرا على أنه بدل أو بتقدير أعني أو على المدح ووقع في أصل الدلجي مخالفا للنسخ نهر بالرفع فقال خبر حذف مبتدأه أي هو بشهادة رواية أعطيت الكوثر وهو نهر في الجنة (يسيل) أي ينصب (في حوضي) أي يوم القيامة أو في الجنة (وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) كما روى ابن جرير وابن أبي حاتم بسند صحيح (في قوله) أي تفسير قوله تعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى: ٥] قال) أي ابن عباس (أَلْفُ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ وَفِيهِ) أي وفي كل قصر أو فيما ذكر من