معنى على قدمي على أثري وزمان نبوتي وليس بعدي نبي بشهادة رواية وأنا الحاشر الذي يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون غيره فيكون قوله وأنا العاقب كالتأكيد لما قبله. (وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مُحَمَّدًا) أي بقوله وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ومحمد رسول الله (وأحمد) أي بقوله حكاية عن عيسى وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (فمن خصائصه تعالى له) مصدر مضاف إلى فاعله أي فمما خصه الله سبحانه وتعالى به (أن ضمّن) بتشديد الميم أي تضمين الله سبحانه (أسماءه) أي من نحو أحمد ومحمد مع انهما أعلام له (ثناءه) أي ما يثنى به عليه (فطوى) بالفاء لا بالواو كما وقع في أصل الدلجي أي فأدخل (أثناء ذكره) أي خلال ذكر اسمه (عظيم شكره) كقوله وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، (فأمّا اسمه أحمد فأفعل) أي للتفضيل (مبالغة) أي لإفادته ثبوت زيادة الحمد وحذف متعلقه لإفادة الشمول وإلا فافعل ليس من صيغ المبالغة كالحماد لكن في المعنى أبلغ منه (من صفة الحمد) أي مأخوذ منه، (ومحمّد مفعّل مبالغة) أي للمبالغة (من كثرة الحمد) أي المحمودية المستفادة من مصدره الذي هو التحميد الموضوع باعتبار بنائه للتكثير والمبالغة في التكرير قال التلمساني وقد ضمن اسمه سورة الحمد انتهى وقد أشار إليه العارف الجامي حيث قال في ألم ألف لام الحمد ميم يعني بطريق التبديل على قواعد التعمية فيصير المعنى محمد وأن الإشارة به في ذلك إليه صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه الكتاب الجامع واللباب اللامع (فهو صلى الله تعالى عليه وسلم أجلّ من حمد) أي أعظمه بفتح فكسر (وأفضل من حمد) بضم فكسر أي أكرمه ففيه لف ونشر مرتب لمعنيي أحمد ومحمد وضبط في بعض النسخ بعكس ما ذكر فيكون لفا ونشرا مشوشا ولا يبعد أن يكون المعنيان مستفادين من احمد وحده لأن أفعل قد يبنى للفاعل وقد يبنى للمفعول ويراد بقوله (وأكثر النّاس حمدا) كون مصدره بمعنى المفعول وإن احتمل كونه للفاعل أيضا والحاصل أن صفة الحامدية والمحمودية فيه بلغت غاية الكمال ونهاية الجمال (فَهُوَ أَحْمَدُ الْمَحْمُودِينَ وَأَحْمَدُ الْحَامِدِينَ وَمَعَهُ لِوَاءُ الحمد يوم القيامة) أي المسمى بيوم الدين (ليتمّ له) بفتح ياء وكسر تاء وروي بصيغة المجهول (كمال الحمد ويتشهّر) من باب الافتعال وفي نسخة ويتشهر من باب التفعل أي وتظهر هيبته وتنتشر (في تلك العرصات) بفتح الراء جمع عرصة بسكون الراء وهو في الأصل كل موضع واسع لا بناء فيه من فناء الدار وساحتها وجمع للمبالغة كما في عرفات والمراد به مقامات يوم القيامة ومواقفها ولا يبعد أن يكون وجه الجمع هو أن كل عرصة مخصوصة بأمة (بصفة الحمد) أي العامة للخلق، (وَيَبْعَثَهُ رَبُّهُ هُنَاكَ مَقَامًا مَحْمُودًا كَمَا وَعَدَهُ) أي في كتابه بقوله عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (يحمده فيه الأوّلون والآخرون بشفاعته لهم) أي عامة وخاصة (ويفتح) أي الله تعالى (عليه فيه) أي في ذلك المقام (من المحامد) جمع محمدة بمعنى الحمد (كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم: ما لم يعط غيره) أي أحد من العالمين (وسمّى أمّته) أي وصفهم (في كتاب أنبيائه بالحمّادين) كما في حديث