الدلجي لقوله تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وفيه أن هذا حكم عام غير مختص به عليه الصلاة والسلام فالأولى أن تحمل السيئات على الصغائر والاتباع على معظم الحسنات واجتناب الكبائر بشهادة قوله تعالى إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ وقوله تعالى فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ولا يبعد أن تكون هذه الخصلة من خصائص هذه الملة. (وَقَوْلُهُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قدمي) قد سبق تحقيق مبناه وتدقيق معناه إلا أنه زاد الموصول هنا ثم لم يقل على قدمه لأن قصده الإخبار عن نفسه كما في قول علي أنا الذي سمتني أمي حيدره واعاده هنا أيضا ليفسره بقوله (أي على زماني وعهدي) فالمراد بالناس الخلق الآتون بعده كما بينه بقوله (أي ليس بعدي نبيّ) أي يكون على عهده وفيه إيماء إلى أن عيسى عليه السلام بعد نزوله يكون تابعا له في دينه وحاكما على وفق قوله كما قال الله تعالى (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب: ٤٠] ) بكسر التاء وفتحها (وسمّي عاقبا لأنّه عقب) بفتح القاف أي خلف (غيره من الأنبياء) وجاء بعدهم لتكميل الخير وزيد في بعض النسخ المصححة هنا (وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ. وَقِيلَ مَعْنَى عَلَى قَدَمِي أَيْ يُحْشَرُ النّاس بمشاهدتي) أي بمشهد مني ومحضر عندي (كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي شاهدين لهم أو شاهدين عليهم (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: ١٤٣] ) أي شاهدا ومطلعا أو مزكيا ومثنيا الذي قررنا دفع قول الدلجي وهذا مخالف لظاهر الآية المفاد فيها بالتعدية بعلى ولو كانت كما زعم لكانت باللام على أن على قد تأتي بمعنى اللام في الكلام كقوله تعالى لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وزيد في بعض النسخ هنا (وقيل على قدمي) أي معناه (على سابقتي) أي سبق قدمي وتقدم قيامي من قبري وتحقق تقدمي في مقامي (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [يونس: ٢] ) أي مراتب تقدم مترتب على تفاوت صدق لهم في حالهم عند ربهم ووقوعهم على قدر مقامهم (وَقِيلَ عَلَى قَدَمِي أَيْ قُدَّامِي وَحَوْلِي أَيْ يجتمعون إلى يوم القيامة) يعني ويلجأون إلي في طلب الشفاعة (وقيل قدمي على سنّتي) أي على قدر متابعتي ومقدار طاعتي في الدنيا ليكون لهم القرب والمنزلة في العقبى وفي نسخة وقيل قدمي سنتي (ومعنى قوله لي خمسة أسماء) أي مع أن له اسماء كثيرة (قيل إنّها موجودة) أي الخمسة جميعها مذكورة ومسطورة (في الكتب المتقدّمة) أي بأجمعها (وعند أولي العلم) أي ومشهورة عند العلماء من الأنبياء والأصفياء (من الأمم السّالفة) أي الماضية فهذا وجه تخصيصها؛ (والله أعلم) أي بما أراد نبيه بها (وقد روي) أي كما في الدلائل لأبي نعيم وفي تفسير ابن مردويه من طريق أبي يحيى التيمي وهو وضاع عن سيف بن وهب وهو ضعيف عن أبي الطفيل (عنه صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي نسخة عليه الصلاة والسلام (لي عشرة أسماء) الجمهور على أن مفهوم العدد ليس بحجة فلا معارضة بينه وبين ما سبق من حديث لي خمسة اسماء (وذكر منها) أي من جملة العشرة (طه ويس؛ حكاه مكّيّ) أي كما سبق