للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا بيان التفرقة بين النبي والرسول بحسب المبنى وعلى مقتضى أصل اللغة في المعنى (واختلف العلماء) أي بحسب الاصطلاح الشرعي أو العرفي (هل النّبيّ الرّسول بمعنى) واحد فيكونان مترادفين في إطلاق كل منهما على الآخر (أو بمعنيين) أي متباينين أو متغايرين بأن يكون النبي أعم والرسول أخص. (فقيل هما سواء) أي في المعنى فكل منهما إنسان أوحى إليه بشرع مجدد أو غير مجدد (وأصله) أي أصل هذا المعنى باعتبار المبنى مأخوذ (من الأنباء) أي الأخبار (وهو الإعلام) يعني فليزم معنى النبوة إذا كانت من الانباء معنى الرسالة التي بمعنى الإعلام والإبلاغ وفيه أنه لا يلزم من انباء الله تعالى لعبده أمر أن يكون مأمورا بإعلامه لغيره (واستدلّوا) أي لكونهما سواء في المعنى (بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ [الحج: ٥٢] فقد أثبت) أي الله تعالى (لهما الإرسال معا) أي ولم يجعل للعطف حكما بمغايرة بينهما، (ولا يكون) وفي نسخة قال ولا يكون والصحيح قالوا ولا يكون والأظهر فلا يكون (النّبيّ إلّا رسولا ولا) أي ولا يكون (الرّسول إلّا نبيّا) أي بناء على ذلك المعنى وفيه أن الإرسال هنا بالمعنى اللغوي وهو البعث والإظهار لا بالمعنى الاصطلاحي وإلا لكفى أن يقول وما أرسلنا من قبلك أحدا وسيأتي زيادة بيان لهذا المبحث (وقيل هما مفترقان من وجه) يعني ومجتمعان من وجه إذ العطف يقتضي التغاير في الجملة لا سيما مع وجود لا المزيدة للتأكيد والمبالغة (إذ قد اجتمعا) تعليل للقضية المطوية أي اجتمع مادتهما معنى (في النّبوّة) أي على تقدير أنها مهموزة وهي مأخوذة من الانباء (التي هي الاطلاع) أي لهما من عنده سبحانه وتعالى (على الغيب) أي على بعض الأمور الغيبية من الأمور الدينية والدنيوية والأخروية (والإعلام) أي وكذا الإعلام لهما من عند ربهما (بخواصّ النّبوّة) أي والرسالة والمعنى باختصاصهما بأمور لا توجد في غيرهما (أو الرّفعة) أي أو اجتمعا في الرفعة (بمعرفة ذلك) أي شأن النبوة والرسالة (وحوز درجتهما) أي إحاطة مرتبة كل منهما (وافترقا في زيادة الرّسالة للرّسول) أي باختصاص الإرسال (وهو الأمر بالإنذار) وهو الإعلام بالشيء الذي يحذر منه (والإعلام) تفسير أو أخص مما قبله لشموله التبشير وتبيين أحكام الإسلام (كما قلنا) أي بينا فيما سبق من الكلام (وحجّتهم) أي ودليل أصحاب هذا القيل من الاجتماع من وجه والافتراق من آخر لا كما قال الدلجي أي من قال بافتراقهما فتدبر (من الآية) أي من جهة الآية المتقدمة (نفسها) أي بعينها، (التّفريق بين الاسمين) أي ضرورة كون المعطوف غير المعطوف عليه كما هو الأصل في تغاير المتعاطفين (ولو كانا شيئا واحدا) أي هنا (لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ) أي البالغ غاية البلاغة المعجز لأرباب الفصاحة عن قدرة المعارضة بأقصر سورة (قالوا) أي هؤلاء (والمعنى) أي المراد بالآية (وما أرسلنا من رسول) وفي نسخة من نبي (إلى أمّة) أي مأمور بالعبادة والدعوة (أو نبيّ) أي مأمور بالعبادة فقط (وليس بمرسل إلى أحد) أي من الخلق بدعوة إلى طريق فالأول كامل والثاني مكمل فهو أخص وذاك أتم وأعم

<<  <  ج: ص:  >  >>