الله تعالى وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (وقوله) أي وكقوله تعالى في حق المنافقين (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ [آل عمران: ١٥٤] الآية) أي لو كان لنا من الأمر شيء كما زعم محمد أن الأمر كله لله وأن حزبه هم الغالبون ما قتلنا ههنا أي في المعركة (وقوله) أي وكقوله تعالى في حق اليهود (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) أي بعض اليهود منهم قوم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ [المائدة: ٤١] الآية) أي أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ الخ، (وَقَوْلِهِ: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) أي يميلونها عن مواضعها التي وضعها الله تعالى فيها بإزالتها من مكانها وإثبات غيرها في محلها أو يأولونها على ما يشتهون فيها (إلى قوله وَطَعْناً فِي الدِّينِ [النساء: ٤٦] وقد قال مبديا) بالهمزة أو الياء أي حال كونه تعالى مظهرا (ما قدّره الله) بتشديد الدال أي ما قضاه (واعتقده) ويروى وما اعتقده (المؤمنون) أي مقتضاه الواقع (يوم بدر) على وفق رضاه من الظفر بإحدى الطائفتين العير والنفير (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) أي القافلة الراجعة من الشام أو الطائفة الآتية من بيت الله الحرام (أَنَّها لَكُمْ) حاصلة من أموال إحديها أو غنيمة أخريها (وَتَوَدُّونَ) أي تتمنون وتحبون (أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ) وهي السلاح يعني العير المقبلة مع أبي سفيان (تَكُونُ لَكُمْ [الأنفال: ٧] ) حيث لا حدة فيها ولا شدة بخلاف ذات الشوكة من النفير وهو الجمع الكثير ممن نفروا مع أبي جهل من مكة لاستنقاذ العير واستخلاصهم من أيدي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه متقوين بكثرة عددهم وعددهم (ومنه) أي ومن اعجازه سبحانه وتعالى (قوله تعالى: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر: ٩٥] ) أي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي والحارث بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب بن أسد قيل وكذا عمه أبو لهب وعقبة بن أبي معيط والحكم بن أبي العاص إلا أنه أسلم يوم الفتح والباقون أهلكوا بأنواع من العقوبة (ولما نزلت) أي هذه الآية فيهم على ما رواه الطبراني في الأوسط (بشّر النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَفَاهُ إيّاهم) أي شرهم وأذاهم ورواه البيهقي وأبو نعيم بمعناه (وكان المستهزئون نفرا بمكّة) أي جماعة مترصدين للواردين بها والصادرين عنها (ينفّرون النّاس عنه) بتشديد الفاء أي يصدونهم عن الإيمان به (ويؤذونه) أي بهذا واضرابه (فهلكوا) أي بضروب البلاء وفنون العناء فتم نوره وكمل ظهوره؛ (وقوله: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة: ٦٧] ) عدة من الله تعالى بعصمة روحه من غوائل عدوه (فكان كذلك) أي كما أخبر به من لا خلف في خبره (على كثرة من رام ضرّه) أي مع كثرة من قصد ضره (وقصد قتله والأخبار بذلك معروفة) أي مشهورة في كتب المغازي في باب السير (صحيحة) أي مذكورة عند أرباب الأثر فعصمه الله تعالى وحفظه حتى انتقل من دار الدنيا إلى منازل الحسنى في العقبى.