للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مثله) أي مثل حديث أنس (وحزنه صلى الله تعالى عليه وسلم لتكذيب قومه) أي لا لضيق حاله وقلة ماله فكان حزنه لأمر دينه ومرضاة ربه فإن قلت سبق في حديث هند بن أبي هالة أن ابن القيم قال إنه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يجوز أن يكون حزنه على الكفار لأن الله تعالى قد نهاه عنه قلت لعل الحزن في الحديث المفسر هنا قبل النهي عن حزنه على الكفار على أن حزنه لتكذيب قومه لا يلزم أن يكون حزنا عليهم لجواز أن يكون لما نسبوه إليه مما هو معصوم منه وهو الكذب عليه (وطلبه) بالرفع أي واستدعاؤه (الآية) أي المعجزة (لهم) أي لاستقامة أمته أو إقامة حجته (لا له) أي لا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لكمال يقينه في معرفته وعدم تردد في طويته (وذكر ابن إسحاق) أي إمام المغازي وكذا رواه أبو نعيم عن أبي أمامة (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أرى ركانة) بضم الراء وهو ابن عبد يزيد صحابي صارعه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأما ركانة المصري الكندي غير منسوب فمختلف في صحبته كذا حققه الفيروز آبادي (مثل هذه الآية) أي المعجزة (في شجرة دعاها) أي طلبها (فأتت) أي جاءت إليه (حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ ارْجِعِي فرجعت) أي إلى محلها (وعن الحسن) أي برواية البيهقي مرسلا (أنّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَا إِلَى رَبِّهِ مِنْ قَوْمِهِ) أي بعضهم (وأنّهم يخوّفونه) أي بضربه أو حبسه أو إخراجه أو قتله (وسأله آية) أي علامة (يعلم بها) أي يزيد علمه بها ويطمئن قلبه بسببها (أن لا مخافة عليه) أن مخففة من المثقلة أي أنه كذا ذكره الدلجي والظاهر أن أن هنا مصدرية ومحلها نصب على المفعولية والمعنى يعرف بها عدم المخافة عليه من إيصال أذيتهم إليه (فأوحي إليه) بصيغة المفعول وفي نسخة بصيغة الفاعل وفي أخرى فأوحى الله إليه (أن ائت وادي كذا) وروي أرأيت وادي كذا أي أبصرت أو علمت وأن مصدرية أو تفسيرية (فيه شجرة) أي عظيمة وهي بالرفع مبتدأ خبره الجار قبله قال التلمساني أو بالنصب بفعل مضمر أي فانظر فيه شجرة أو اطلب انتهى ولا يخفى تكلفه بل تعسفه كما يدل عليه قوله (فادع غصنا منها) أي من الشجرة أو أغصانها (يأتك) وفي نسخة يأتيك بإثبات الياء على أنه مرفوع أو مجزوم على لغة (ففعل) أي ما ذكر (فجاء) أي الغصن منها (يخطّ الأرض خطّا) أي يشقها شقا بأثرها في الإتيان إليه (حتّى انتصب) أي وقف (بين يديه) أي أمامه وقدامه وأغرب التلمساني حيث فسر انتصب بقوله حبس وغرابته من جهة المبنى والمعنى لا تخفى (فحبسه ما شاء الله) أي من زمان بقائه لديه (ثمّ قال له ارجع كما جئت) أي على وجه خرق العادة (فرجع) أي يخط الأرض خطا حتى قام بمنبته (فَقَالَ يَا رَبِّ عَلِمْتُ أَنْ لَا مَخَافَةَ عليّ) أي بعد إراءتك لي هذه الآية وكان صاحب البردة أشار إلى هذه الزبدة بقوله:

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة ... تمشي إليه على ساق بلا قدم

كأنما سطرت سطرا لما كتبت ... فروعها من بديع الخط في اللقم

<<  <  ج: ص:  >  >>