بالجنة وذلك أنه لما نزل قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الآية احتبس ثابت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم وَكَانَ فِي أُذُنَيْهِ صَمَمٌ فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ وقال لقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأنا من أهل النار فذكر ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال بل هو من أهل الجنة روى عنه بنوه وأنس (وكان) أي ثابت (قتل باليمامة) وكانت وقعة اليمامة سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق (فَسَمِعْنَاهُ حِينَ أَدْخَلْنَاهُ الْقَبْرَ يَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ؛ عُمَرُ الشَّهِيدُ، عُثْمَانُ) وفي نسخة وعثمان (البرّ) بفتح الموحدة (الرّحيم) أي البار لقومه عامة والرحيم برحمة خاصة. (فنظرنا) أي مختبرين حاله من حياة وموت (فإذا هو ميّت) هذا الحديث دليل كلام الموتى لا إحيائهم كما لا يخفى، (وذكر عن النّعمان بن بشير) كما رواه الطبراني وأبو نعيم وابن منده عنه وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن أنس (أنّ زيد بن خارجة) بالخاء المعجمة ثم الجيم (خرّ ميّتا) أي سقط من قيام أو قعود حال كونه ميتا وجوز أن يكون التقدير وقد خر حيا فمات به في عقبه ويؤيده ما في رواية ابن أبي الدنيا على ما نقله عنه القسطلاني فبينما هو يمشي في طريق من طرق المدينة بين الظهر والعصر إذ خر فتوفي (في بعض أزقّة المدينة) بكسر الزاء وتشديد القاف جمع زقاق أي بعض طرقها المسلوكة في داخلها (فرفع) أي جسده (وسجّي) أي غطى وجهه (إذ سمعوه بين العشاءين والنّساء يصرخن) بضم الراء أي يبكين بصياحهن (حوله) أي ومعهن رجال من أهله (يقول أنصتوا أنصتوا) بفتح الهمزة وكسر الصاد المهملة فيهما أي اسكتوا واستمعوا والتكرير للتأكيد فنظروا فإذا الصوت من تحت الثياب (فحسر) بصيغة الفاعل أي كشف غطاؤه (عن وجهه) وفي نسخة بصيغة المفعول ويؤيده أنه في رواية فحسروا عن وجهه (فقال) أي القائل على لسانه كما في رواية (محمد رسول الله) صلى الله تعالى عليه وسلم (النبي الأمّيّ وخاتم النّبيّين) أي آخرهم (كان ذلك) أي كونه رسولا نبيا أميا وخاتما كليا (في الكتاب الأول) أي اللوح المحفوظ الذي كل ما فيه لا يبدل (ثمّ قال) أي زيد (صدق صدق) أي رسول الحق والتكرير للتأكيد أو صدق فيما أخبر به عن الابتداء كما أنه صدق فيما انبأ به عن الانتهاء، (وذكر أبا بكر وعمر وعثمان) أي بخير أو بأنهم صدقوا فيما عاهدوا الله عليه أو بأنهم ممن قال تعالى فيهم وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ وذلك لما كشف له من أحوال الآخرة هذا وقد تصحف علي الدلجي حيث قال صدق صدق أمر مخاطب (ثمّ قال) أي زيد (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته) وهو سلام وداع إما غيبة وإما مشاهدة ويؤيده أنه في رواية قال هذا رسول الله الخ قال التلمساني روي تركناه أقول الظاهر إنه تصحيف (ثمّ عاد ميّتا كما كان) أي عود البدء واعلم أن صاحب الاستيعاب ذكر في زيد بن خارجة بن زيد أنه هو الذي تكلم بعد الموت لا يختلفون في ذلك قال الذهبي وهو الصحيح وقيل هو أبوه وذلك وهم لأنه قتل يوم أحد قال