فنادى بأعلى صوته يا أهل الحجيج من اليمن أفيكم أويس فقام شيخ طويل اللحية فقال إنا لا ندري من أويس ولكن ابن أخي يقال له أويس وهو أخمل ذكرا وأهون أمرا من أن نرفعه إليك وأنه ليرعى إبلا حقير بين أظهرنا فقال له عمران اين ابن أخيك قال بإزاء عرفات فركب مر وعلي سراعا إلى عرفات فإذا هو قائم يصلي والإبل حوله ترعى فسلما عليه وقالا من الرجل قال عبد الله قالا قد علمنا أن أهل السموات والأرض كلهم عبيد الله فما اسمك الذي سمتك به أمك قال يا هذان ما تريدان قالا وصف لنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أويسا القرني وأخبرنا أن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء فاوضحها لنا فإن كانت بك فأنت هو فأوضح منكبه فإذا اللمعة فاشتدا يقبلانه وقالا نشهد أنك أويس القرني فاستغفر لنا غفر الله لك قال ما أخص باستغفاري نفسي ولا أحدا من ولد آدم ولكنه في المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات يا هذان قد أشهر الله لكما حالي وعرفكما أمري فمن انتما قال علي أما هذا فعمر أمير المؤمنين وأما أنا فعلي بن أبي طالب فاستوى أويس قائما وترهب بهما فقال له عمر مكانك يرحمك الله حتى أدخل مكة فآتيك بنفقة من عطائي وفضل كسوة من كسوتي فقال يا أمير المؤمنين ما أصنع بالنفقة والكسوة أما ترى علي إزار ورداء من صوف متى أخرقهما وقد أخذت من رعايتي أربعة دراهم متى آكلها يا أمير المؤمنين إن بينك وبينه عقبة كؤودا ولا يجاوزها إلا كل ضامر مخف به فأخف يرحمك الله فلما سمع عمر ذلك ضرب بدرته الأرض نادى بأعلى صوته ألا ليت عمر لم تلده أمه إلا من يأخذها بما فيها ولها ثم قال أمير المؤمنين خذ أنت ههنا حتى آخذ عنها فولى عمر ناحية مكة وساق أويس ابله فوافى القوم وخلا عن الرعاية وأقبل على العبادة حتى لقي الله تعالى وروى الحاكم في مستدركه عن علي كرم الله تعالى وجهه مرفوعا خير التابعين أويس ولا ينافيه قول أحمد وغيره أن خيرهم سعيد بن المسيب لأن مرادهم في العلوم الشرعية لا في أكبرية الدرجة العلية قال الحلبي وقد قتل مع علي بصفين في وقعتها وقال ابن حبان واختلفوا في محل موته فمنهم من يزعم أنه مات على جبل أبي قبيس بمكة ومنهم من يزعم أنه مات بدمشق ويحكون في موته قصصا تشبه المعجزات التي رويت عنه وقد كان بعض أصحابنا ينكر كونه في الدنيا ثم ساق بسنده إلى شعبة قال سألت عمرو بن مرة وأبا إسحاق عن أويس القرني فلم يعرفاه أقول ولعلهما لم يعرفاه لعدم كونه من رواة الحديث إذ لم يرو شيئا وكان غلب عليه حب الخمول والعزلة والخلوة وكره الصحبة والخلطة وقد علم كل أناس مشربهم وعرف كل طائفة مذهبهم (وبأمراء) أي وبأن امراء (يؤخّرون الصّلاة عن وقتها) فقد روى مسلم من طرق عن أبي ذر ولفظه كيف أنت إذا كنت عليك امراء يؤخرون الصلاة عن وقتها قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة زاد في رواية أخرى وإلا كنت قد أخرت صلاتك قال النووي أي عن وقتها المختار لا عن جميع وقتها وروي يميتون الصلاة وهو بمعنى يؤخرون قال وقد وقع هذا في ومن بني أمية (وسيكون في