والحفاة العراة (يتبارون) بفتح الراء أي يتفاخرون (في البنيان) أي في إطالة بيوتهم وتحسينها وتزيينها فقد روى الشيخان معناه ببعض مبناه فلمسلم وإن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان وللبخاري وإذا تطاول رعاء الإبل إليهم في البنيان وله أيضا وإذا كانت الحفاة العراة رؤوس الناس فذلك من أشراطها ولهما وإن ترى الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض وفيه إشارة إلى أن أرباب الجهالة والقلة والذلة يغلبون على أهل العلم والغنى والعزة (وأن تلد الأمّة ربّتها) أي سيدتها فإن ولد الأمة من سيدها لحسيدها لأنه سبب لعتقها فهي بنتها فبالأولى ابنها قال الحلبي وفي رواية ربها وفي رواية بعلها أي تلد مثل سيدها ومالكها ومتصرفها أراد به كثرة السبي والسراري في أوقات السعة أو في أزمنة الفتنة أو كناية عن كثرة العقوق وقلة تأدية الحقوق (وأنّ قريشا) أي وأخبر بأن كفار قريش بالخصوص (والأحزاب) أي وسائر طوائف الكفار (لا يغزونه أبدا) ولعله بعد غزوة الخندق فعن سليمان ابن صرد أنه عليه الصلاة والسلام قال حين أجلى الأحزاب عنه الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم (وأنّه) أي النبي عليه الصلاة والسلام (هو يغزوهم) أي يبدؤوهم بالمحاربة كما وقع له ولأصحابه بفتح مكة وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم فتحها لا تغزى قريش بعده أي لا يكفرون فيغزون وقوله في رواية أخرى لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة أي لا تعود مكة دار كفر يغزى عليه وأما ما قيل من أن المعنى لا يغزوها كفار أبدا فإن المسلمين قد غزوها مرات فيرده قصة القرامطة وكذا حديث يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة يقلعها حجرا حجرا، (وأخبر بالموتان) بضم الميم وتفتح أي بالوباء (الذي يكون بعد فتح بيت المقدس) كما رواه البخاري عن عوف بن مالك قال أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال اعدد ستا بين يدي الساعة موتى ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقصاص الغنم العقاص بضم القاف داء يأخذ الغنم لا يلبثها حتى تموت من وقتها ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا يبقى من العرب حي إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية أي راية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا انتهى وكان هذا الموتان في خلافة عمر بعمواس من قرى بيت المقدس وبها كان عسكره وهو أول طاعون وقع في الإسلام مات به سبعون ألفا في ثلاثة أيام وبنو الأصفر هم الروم لأن جدهم المنسوبون إليه كان أصفر وهو روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، (وما وعد من سكنى البصرة) بفتح الموحدة وحكي ضمها إلا أنه لا يجوز في النسبة اتفاقا فقد روى أبو داود عن أنس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال له يا أنس إن الناس يمصرون امصارا منها يقال لها البصرة فإن مررت بها أو دخلتها فإياك وسباخها وكلاءها بتشديد اللام أي ساحلها وسوقها وباب أمرائها وعليك بضواحيها أي نواحيها الظاهرة بها فإنه يكون خسف وقذف ورجف وقوم يبيتون ويصبحون قردة وخنازير ولعل هذه الامور وردت معنوية