للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمنافقين حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين (قال أبو محمّد المكيّ) مر الكلام عليه وفي نسخة مكي (قيل هذا) أي قوله عَفَا اللَّهُ عَنْكَ (افتتاح كلام) أي ابتداء كلام الله سبحانه له في كتابه عند خطابه (بمنزلة: أصلحك الله) وما صنعت في حاجتي، (وأعزّك الله) هلا شرفتني بزيارتك لي ونحو ذلك فيما يخاطب به الملوك والعظماء بتقديم الدعاء والثناء على انباء الأنباء ونظيره ما ورد في الحديث لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترطت أن يخرجوني والحاصل أن العادة جارية في مقام التبجيل والإكرام لمخاطبة الكرام بنحو هذ الكلام وإن لم يكن هناك شيء من الآثام ثم التشبيه لا يقتضي المشابهة من جميع الوجوه فلا يرد أن مثل هذا الكلام إنما يكون بين المتساويين في الإقدام أو من الأدنى في مخاطبة الأعلى لا بالعكس كما لا يخفى. (وقال عون بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهندي الكوفي الزاهد الفقيه أخو عبيد الله الذي هو أحد الفقهاء السبعة بمدينة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم روى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقيل روايته عن الصحابة مرسلة لكن حديثه عن ابن عمر في مسلم ولم يلحقه وعنه الزهري وأبو حنيفة وقد أخرج له مسلم والأربعة توفي في حدود ستين ومائة (أخبره بالعفو قبل أن يخبره بالذّنب) تسلية له في هذا الباب وملاطفة معه في مقام العتاب وقوله يخبره من باب الافعال أو التفعيل وهما بمعنى واحد وأما قول الحلبي وكأنه أراد التنويع في الكلام ليس له نتيجة في المرام لأن التشديد في هذا المقام ليس للتنويع المتفرع على التكثير بل للتعدية كما صرح به صاحب القاموس والجوهري في التقرير (وحكى السّمرقنديّ) أي أبو الليث (عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ عَافَاكَ اللَّهُ يَا سليم القلب) أي عن ذكر غير الرب كما فسر به قوله تعالى إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (لم أذنت لهم، قال) أي السمرقندي أو بعضهم المنقول عنه ما تقدم (ولو بدأ) بالهمزة أي ابتدأ الله (النّبيّ) أي له (صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي نسخة ولو بدأه (بِقَوْلِهِ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التَّوْبَةِ: ٤٣] لَخِيفَ عَلَيْهِ أن ينشقّ قلبه) أي ينصدع وينقطع (من هيبة هذا الكلام) أي المشعر بأنه وقع في الآثام، (لكن الله تعالى برحمته أخبره بالعفو) أي مبتدئا بالمسامحة عن إجازته (حتّى سكن قلبه) أي وسلم من الدهش لبه وفي نسخة يسكن قلبه وفي بعض النسخ بتشديد الكاف فقلبه منصوب، (ثُمَّ قَالَ لَهُ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ بِالتَّخَلُّفِ) أي عن غزوة تبوك (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الصَّادِقُ فِي عُذْرِهِ مِنَ الكاذب؟) أي في عذره لما حكي عن مجاهد أن بعضهم قالوا في غزوة تبوك نستأذنه في الإقامة إن أذن لنا أقمنا وإن لم يأذن لنا أقمنا واعتذرنا له بعد ذلك بعذر يقبله منا (وفي هذا) أي الخطاب في مقام العتاب وفي نسخة وهذا (من عظيم منزلته عند الله تعالى ما لا يخفى على ذي لبّ) أي صاحب عقل سليم من وهم سقيم، (ومن إكرامه إيّاه وبرّه به) أي إنعامه له (مَا يَنْقَطِعُ دُونَ مَعْرِفَةِ غَايَتِهِ نِيَاطُ الْقَلْبِ) بكسر النون عرق من الوتين ينوط القلب به من

<<  <  ج: ص:  >  >>