للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مغشيّا عليه) أي من عظمته وهيبته وحديثه هذا رواه البيهقي عن مسلم بن يسار مرسلا (ورأى عبد الله بن مسعود الجنّ) كما رواه البيهقي عنه (ليلة الجنّ) أي ليلة أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن ينذرهم (وسمع) أي ابن مسعود (كلامهم وشبّههم) أي في الخلق والنطق (برجال الزّطّ) بضم الزاء وتشديد الطاء قوم من السودان أو الهنود طوال قال الحلبي وفي حديث مسلم عنه أنه لم يكن مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة الجن لكن ذكر ابن سيد الناس في سيرته ما لفظه أن الحديث المشهور عن عبد الله بن مسعود من طرق متظاهرة يشهد بعضها لبعض ويشيد بعضها بعضا قال ولم تنفرد طريق ابن زيد إلا بما فيها من التوضئ بنبيذ التمر انتهى وقد جاء الحديث الذي ذكره من غير طريق ابن زيد وهو ابن ماجة من حديث ابن عباس وفيه الوضوء بنبيذ التمر لكن في السند عبد الله بن لهيعة والعمل على تضعيف حديثه وهو مرسل صحابي والعمل على قبوله خلافا لبعض الناس أي من الشافعي واتباعه هذا وقد ورد من طرق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خطب ذات ليلة ثم قال ليقم من لم يكن في قلبه مثقال ذرة من كبر فقام عبد الله ابن مسعود فحمله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع نفسه فقال ابن مسعود خرجنا من مكة فخط رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حولي خطا وقال لا تخرج عن هذا الخط فإنك إن خرجت عنه لم تلقني إلى يوم القيامة ثم ذهب يدعو الجن إلى الإيمان ويقرأ القرآن حتى طلع الفجر ثم رجع بعد طلوع الفجر وقال لي هل معك ماء اتوضأ به قلت لا إلا نبيذ التمر في إداوة فقال تمرة طيبة وماء ظهور وأخذه وتوضأ به وصلى الفجر وقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارقطني عن ابن مسعود نحوه وكذا الطحاوي وغيره وقد اثبت البخاري كون ابن مسعود مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم باثني عشر وجها فلا يلتفت إلى قول الدلجي وأما حديث ابن مسعود أنه حضر معه ليلة الجن فضعيف ففي صحيح مسلم أنه لم يكن معه فإنا نقول رواية البخاري أصح وأرجح والقاعدة أن الإثبات مقدم على النفي عند الأثبات مع أن ليلة الجن كانت ست مرات أو المراد بنفي كونه معه أنه لم يحضر مجلس المحاورات والله أعلم بالحالات؛ (وذكر ابن سعد) وهو مصنف الطبقات الكبرى والصغرى ومصنف التاريخ ويعرف بكتاب الواقدي سمع ابن عيينة وابن معين وحدث عنه ابن أبي الدنيا وغيره مات سنة ثلاثين ومائتين (أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ لَمَّا قُتِلَ يَوْمَ أحد) أي وكان صاحب الراية (أَخَذَ الرَّايَةَ مَلَكٌ عَلَى صُورَتِهِ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله تعالى عليه وسلم يقول له) أي ظنا منه أنه هو (تقدّم) إلي جهة العدو (يا مصعب فقال له الملك) أي مرة في جوابه (لست بمصعب فعلم) بصيغة الفاعل أو المفعول أي فعرف (أنّه ملك) لكن روى ابن أبي شيبة في مصنفه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال يوم أحد أقدم مصعب فقال له عبد الرحمن بن عوف يا رسول الله ألم يقتل مصعب قال بلى لكن قام مكانه وتسمى باسمه انتهى وفيه احتمال أنه عرفه من أول الوهلة وأنه لم يعرفه حتى عرفه ثم كان يقول له مصعب من قبيل تجاهل

<<  <  ج: ص:  >  >>