من زهاد النصارى وعبادهم وعلماء اليهود وقوادهم كخبر الراهب بحيرا وكان في زمنه أعلم النصارى وقد سافر به عمه أبو طالب في اشياخ من قريش إلى الشام فوافوا بصرى من ديار الشام فنزل من صومعته وكان قبل ذلك لا ينزل لمن نزل به الحديث وقد تقدم وكخبر حبر بني عبد الأشهل من اليهود إذ أتى نادى قومه فذكر البعث والحساب والميزان والجنة والنار وذلك قبل مبعثه عليه السلام فقالوا ويحك هذا كائن وأن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ويجزون بأعمالهم قال نعم ولوددت إن حظي من تلك النار أن توقدوا أعظم تنور ثم تقذفوني فيه وتطبقوه علي وأني أنجو به من النار غدا فقيل له ما علامة ذلك قال نبي بعثه الله من هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة قالوا متى فرمى بطرفه إلى أصغر القوم فقال إن يعش هذا يدركه فلما بعث آمنا به وصدقناه وكفر هو به فقلنا له ألست الذي قلت ما قلت وأخبرتنا فقال ليس به (وعلماء أهل الكتب) أي من غيرهم وفي نسخة الكتاب على قصد الجنس وفي أصل الدلجي وعلماء أهل الزمان فهو من باب عطف العام على الخاص (من صفته وصفة أمّته) كخبر عبد الله بن سلام قال في التوراة صفة محمد عليه الصلاة والسلام وعيسى ابن مريم يدفن معه وخبر كعب الأحبار قال نجد في التوراة محمد رسول الله عبدي المختار إلى أن قال مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وأمته الحامدون يحمدون الله تعالى في السراء والضراء الحديث وقد سبق (واسمه) أي محمد في التوراة وأحمد في الإنجيل وقال وهب بن منبه في الزبور يا داود سيأتي من بعدك نبي يسمى أحمد ومحمدا صادقا سيدا لا أغضب عليه أبدا ولا يعصيني أبدا وقد غفرت له قبل أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأمته مرحومة وأعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتوا يوم القيامة نورهم مثل نور الأنبياء (وعلاماته) أي كما في الإنجيل صاحب المدرعة والعمامة والنعلين والهراوة ونحو ذلك (وذكر الخاتم الذي بين كتفيه) كما هو في كتب أهل الكتاب وقد بينت في شرح الشمائل هذا الباب (وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَشْعَارِ الْمُوَحِّدِينَ) وفي اصل الدلجي وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَشْعَارِ الْمُوَحِّدِينَ أي القائلين بالوحدة الإلهية (المتقدّمين) أي في زمن الجاهلية (من شعر تبّع) بضم التاء وتشديد الموحدة أحد ملوك اليمن وشعره هذا بعد منصرفه من المدينة وكان قد نازل أهلها الأوس والخزرج واليهود فكانوا يقاتلونه نهارا ويضيفونه ليلا واستمر ثلاث ليال فاستحيى فأرسل ليصالحهم فخرج إليه من الأوس أحيحة ابن الجلاح ومن يهود بنيامين القرظي فقال له أحيحة أيها الملك نحن قومك وقال بنيامين أيها الملك هذه بلدة لا تقدر أن تدخلها قال ولم قال لأنها منزل نبي يبعثه الله من قريش فأنشده شعرا منه: