بعدها مؤمنا (وورقة بن نوفل) أي وما عرف به من أمره ورقة بن نوفل بن أسد عن رهبان كثيرين وقد أخبرته خديجة بنت خويلد بن أسد بما أخبرها به غلامها ميسرة من قول الراهب وأنه رأى ملكين يظلانه فقال إن كان هذا حقا فمحمد نبي هذه الأمة وقد عرفت إن لها نبيا ينتظر وهذا زمانه ثم إنه كان يستبطئ الأمر حتى قال شعرا:
تبكر أم أنت العشية رائح ... وفي الصدر من إضمارك الحزن فادح
لغرقة قوم لا أحب فراقهم ... كأنك عنهم بعد يومين نازح
فأخبار صدق خبرت عن محمد ... يخبرها عنه إذا غاب ناصح
فذاك الذي وجهت يا خير حرة ... بغور وبالنجدين حيث الصحاصح
إلى سوق بصرى والركاب التي غدت ... وهن من الأحمال قعص دوائح
يخبرنا عن كل خير بعلمه ... وللحق أبواب لهن مفاتح
بان ابن عبد الله أحمد مرسل ... إلى كل من ضمت عليه الأباطح
وظني به أن سوف يبعث صادقا ... كما بعث العبدان هود وصالح
وموسى وإبراهيم حتى يرى له ... بهاء وميسور من الذكر واضح
وتتبعها حبا لؤي جماعة ... شبابهموا والأشيبون الجحاجح
فإن أبق حتى يدرك الناس دهره ... فأنى به مستبشر الود فارح
والأفاني يا خديجة فاعلمي ... عن أرضك في الأرض العريضة سائح
وهذه شواهد صدق بإيمانه مع ما ذكر بعضهم بأنه صحابي بل هو أول الصحابة من أنه اجتمع به بعد الرسالة إذ صح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أتاه بعد مجيء جبريل إليه وإخباره له عن ربه بأنه رسول هذه الأمة بعد إنزال اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ عليه وبعد قول ورقة له أبشر فأنا اشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وأنك على ناموس عيسى وأنك نبي مرسل وقد ورد أنه صلى الله تعالى عليه وسلم رآه في الجنة وعليه ثياب خضر وفي مستدرك الحاكم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا تسبوا ورقة فإني رأيته في الجنة وعليه جبة أو جبتان وأما ما نقله الذهبي عن ابن منده أنه قال الأظهر أنه مات بعد النبوة قبل الرسالة فواه جدا ويرده ما في صحيح البخاري عنه صريحا (وعثكلان) بفتح العين والكاف وتضمان واقتصر عليه بعضهم (الحميريّ) بكسر الحاء وفتح الياء نسبة إلى حمير أبي قبيلة من اليمن ومنهم كانت الملوك في الدهر الأول أي وما عرف به من أمره من الرهبان لكني لم أر من ذكره في معرض البيان (وعلماء اليهود) وفي نسخة وعلماء يهود أي من كتبهم أو من أخبارهم عن أحبارهم كقوله عالم منهم كان بمكة يتجر في نادي من قريش هل ولد فيكم الليلة مولود قالوا لا نعلم قال الله أكبر أما إذا أخطأكم خبر فانظروا واحفظوا ما أقول لكم ولد في هذه الليلة