للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السين أي تستره من التعري وهو كشف العورة (في الخبر المشهور عند بناء الكعبة) كما رواه الشيخان عن جابر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما (إذ) أي حين (أخذ إزاره) أي بأمر عمه العباس (ليجعله على عاتقه) وهو ما بين المنكب والعنق (ليحمل عليه الحجارة) أي ولم تظهر عليه الإمارة (وتعرّى) أي وانكشفت عورته (فسقط إلى الأرض) أي مائلا إليها وطمحت عيناه إلى السماء (حتّى ردّ) أي بنفسه (إِزَارَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ مَا بَالُكَ) وفي نسخة ما لك أي ما حالك (قال إنّي نهيت عن التّعرّي) في رواية وكنت وابن أخي يحمل الحجارة على رقابنا وأزرنا تحتها فإذا غشينا الناس أتزرنا فبينا أنا أمشي ومحمد أمامي خر لوجهه وهو ينظر إلى السماء فقلت ما شأنك فأخذ إزاره وقال إني نهيت أن أمشي عريانا قال فكنت أكتمها الناس مخافة أن يقولوا مجنون (وَمِنْ ذَلِكَ إِظْلَالُ اللَّهِ لَهُ بِالْغَمَامِ فِي سفره) أي على ما مر في حديث بحيرا الراهب كما رواه الترمذي والبيهقي. (وفي رواية) أي لابن سعد عن نفيسة بنت منبه (أنّ خديجة) رضي الله تعالى عنها (ونساءها رأينه لمّا) بتشديد الميم أي حين (قدم وملكان يظلّانه فذكرت) أي خديجة (ذلك) أي خبر الإظلال (لميسرة) أي غلامها قال الحلبي لا أعلم له ذكرا في الصحابة وكان توفي قبل النبوة وإلا فلو أدركها لأسلم انتهى وفيه بحث لا يخفى والله تعالى أعلم (فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ مُنْذُ خَرَجَ مَعَهُ في سفره) أي من أول أمره إلى آخره؛ (وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ حَلِيمَةَ رَأَتْ غَمَامَةً تُظِلُّهُ وهو عندها) كما رواه الواقدي وابن سعد وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس، (وروي ذلك) أي تظليل العمامة له (عن أخيه من الرّضاعة) وفي رواية عن أخته بالفوقية وهي أصح كما في سيرة أبي الفتح اليعمري من أن حليمة بعد رجوعها من مكة كانت لا تدعه أن يذهب مكانا بعيدا فغفلت عنه يوما في الظهيرة فخرجت تطلبه حتى وجدته مع أخته فقالت في هذا الحر فقالت أخته يا أمه ما وجد أخي حرا رأيت غمامة تظل عليه إذا وقف وقفت وإذا سار سارت الحديث قال الحلبي صريح أن يكون ما في الأصل غلط تصحف على الكاتب اللهم إلا أن يروى أن أخاه من الرضاعة رأى ذلك أيضا والله تعالى اعلم. (وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ نَزَلَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَبْلَ مَبْعَثِهِ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَاعْشَوْشَبَ مَا حولها) أي كثر عشبه وهو الكلاء ما دام رطبا والمعنى أنه نبت فيه عشب كثير، (وأينعت) بتقديم التحتية على النون (هي) أي الشجرة والمعنى أدرك ثمارها ونضجت ومنه قوله تعالى كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذا أثمر وينعه أي نضجه (فأشرقت) بالقاف أي أضاءت بحسن صفائها كإشراق الشمس بضيائها ويروى بالفاء أي علت وارتفعت (وتدلّت) بتشديد اللام وفي أصل الدلجي بلامين أي استرسلت ونزلت (عليه أغصانها بمحضر من رآه) قال الدلجي لم أدر من رواه (وميل فيء الشّجرة) أي ظلها (إليه في الخبر الآخر) أي المتقدم عن بحيرا الراهب (حتّى أظلّته وما ذكر) أي ومن ذلك ما ذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن قيس وهو مطعون عن عبد الملك بن عبد الله بن الوليد وهو مجهول عن ذكوان (من أنّه كان لا ظلّ لشخصه فِي شَمْسٍ وَلَا قَمَرٍ لِأَنَّهُ كَانَ نُورًا) أي بنفسه والنور لا ظل

<<  <  ج: ص:  >  >>