للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنه عليه الصلاة والسلام كل أمتي) أي جميعهم (يدخلون الجنة إلا من أبى) أي امتنع عن دخول الجنة والظاهر أنه استثناء منقطع والمراد بالأمة أمة الإجابة ودخول الجنة أعم من أن يكون أولا أو آخرا ولا يبعد أن يكون الاستثناء متصلا على أن المراد بالأمة أمة الدعوة وأن المعصية مختصة بالكفرة (قالوا ومن أبى) وفي نسخة قالوا يا رسول الله ومن يأبى أي عن دخول الجنة مع أن فيها حصول النعمة ووصول المنة (قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فقد أبى) أي بتركه الطاعة التي هي سبب لدخولها وموجب لوصولها والحديث رواه الحاكم بلفظ كلكم يدخل الجنة إلا من أبى الحديث كذا ذكره الدلجي وفي الجامع الصغير برواية البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ولفظه كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبى (وفي الحديث الآخر الصحيح) أي الذي رواه البخاري في صحيحه (عنه عليه الصلاة والسلام مثلي ومثل ما بعثني الله تعالى به) أي مما يورث الفوز بنصر الدنيا وذخر العقبى والمعنى حالتنا العجيبة الشأن وصفتنا الغريبة البرهان (كمثل رجل أتى قوما) أي جاءهم يحذرهم من عدوهم وراءهم (فقال يا قوم إني رأيت الجيش) أي عسكر العدو (بعيني) بصيغة التثنية للمبالغة في التأكيد ودفع توهم المجاز في الخبر الأكيد (وإني أنا النذير العريان) أي المخوف الذي ليس له غرض في التحذير بل هو عار عن تلبيس وتدليس في وصف النذير وقيل هذا مثل ضربه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مبالغة في صدق النذارة لأنه إذا كان عريانا كان أبين وقيل بل كان يتجرد عن ثيابه ويلوح بها في مقام خطابه ليجتمعوا إليه ويحققوا ما لديه وقيل هو الذي سلب العدو ما عليه من الثوب فأتى قومه عريانا يخبرهم فصدقوه لما عليه من آثار الصدق (فالنجاء) بفتح النون قبل الجيم ممدودا وقد يقصر وهو منصوب على الإغراء أي الزموا النجاء وهو الإسراع إلى المنجى والملجأ في حال البلاء لتسلموا من الأعداء وقيل إنه منصوب على المصدر أي انجوا النجاء بمعنى اطلبوا النجاة وهو في غالب النسخ مرة واحدة وفي بعضها النجاء النجاء مرتين للتأكيد أو أحدهما إشارة إلى أمر الدنيا والآخرة إيماء إلى أمر العقبى (فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا) بتخفيف الدال وقطع الهمزة وفي بعض النسخ بتشديدها ووصل الهمزة فقيل هما لغتان تستعملان في سير الليل كله وقال أكثرهم ادلج سار آخر الليل وأدلج سار الليل كله وقيل إن ساروا من آخر الليل فأدلجوا بالتشديد وإن ساروا من أول الليل فأدلجوا بالتخفيف والقول الأكثر هو الأوسط المعتبر لكن المراد في الحديث هو المعنى الأعم فتدبر (فانطلقوا على مهلهم) بسكون الهاء وبفتح أي فذهبوا على مهلتهم بوصف تؤدتهم من غير عجلتهم (فنجوا) أي فتخلصوا من عدوهم ونهبتهم وفي حديث علي إذا سرتم إلى العدو فمهلا مهلا وإذا وقعت العين على العين فمهلا مهلا قال الأزهري الساكن الرفق والمتحرك التقدم أي إذا سرتم فتأنوا وإذا لقيتم فاحملوا أي وتعنوا (وكذّبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم) أي دخلوا في الصبح في محلهم (فصبّحهم الجيش) بتشديد

<<  <  ج: ص:  >  >>