للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحَكِّمُوكَ) أي يجعلوك حكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي اختلفوا في أمرهم ويرضوا بحكمك في حقهم (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) أي ضيقا (مِمَّا قَضَيْتَ) أي حكمت به أو من حكمك (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء: ٦٥] مصدر مؤكد لفعله بمنزلة تكريره (أي ينقادوا لحكمك) يعني انقيادا كاملا يكون لجميع أحكامك شاملا ولظواهرهم وبواطنهم كافلا (يقال) أي في اللغة (سلّم) بتشديد اللام (واستسلم وأسلم إذا انقاد) أي مطلقا (وقال تعالى: كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ) بضم الهمزة وكسرها أي خصلة (حَسَنَةٌ) من حقها أن يؤتسى ويقتدى بها (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ) أي ثوابه أو لقاءه (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) [الأحزاب: ٢١] أي نعيم الآخرة أو لمن كان يخاف عقابه أو حجابه واليوم الآخر أي حسابه وعذابه (قال محمّد بن عليّ التّرمذي) أي الحكيم وهو ليس صاحب الجامع (الأسوة في الرّسول) أي معناها في حقه (الاقتداء به) أي في أمر شريعته (والاتّباع لسنّته) أي طريقته (وترك مخالفته في قول أو فعل) وكذا في جميع ما علم من حالته (وقال غير واحد) أي كثير من المفسرين (بمعناه) أي بمعنى قول الحكيم وإن اختلف عنهم مبناه (وقيل هو) أي قوله تعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ الآية (عتاب) أي ملامة من الله (للمتخلّفين عنه) أي في غزواته وخصوص حالاته وعلو درجاته ورفعة مقاماته (وقال سهل) أي ابن عبد الله كما في نسخة وهو التستري من أكابر الصوفية (في قوله تعالى) أي في تفسيره (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة: ٧] قال بمتابعة السّنّة) وفي نسخة سنته أي أنعمت عليهم بسبب اتباع طريقته (فأمرهم الله تعالى بذلك) أي باتباع شريعته (ووعدهم الاهتداء باتّباعه) أي بمتابعته حيث قال وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (لأنّ الله تعالى أرسله بالهدى) أي بالهداية الموصلة إلى المولى (ودين الحقّ) أي الملة الثابتة بمخالفة الهوى (ليزكّيهم) أي يطهرهم من الشرك والمعاصي (ويعلّمهم الكتاب) أي القرآن الجامع لمكارم الأخلاق (والحكمة) أي السنة أو الأحكام المحكمة والمعارف الصادرة عن أهل الحكمة ممن جمع بين ايقان العلم واتقان العمل (ويهديهم إلى صراط مستقيم) هو الدين القويم بالطاعة في الدنيا وطريق الجنة في العقبى (ووعدهم) أي على اتباعه (محبّته تعالى في الآية الأخرى) وهي قوله تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وهذا معنى قوله (ومغفرته) أي ووعدهم غفران ذنوبهم (إذا اتّبعوه) أي في الإيمان به وامتثال أمره ونهيه (وآثروه) بألف ممدودة أي قدموه على أنفسهم وآثروه (على أهوائهم) واختاروا هداه على آرائهم وأحبوه ازيد من آبائهم وأبنائهم (وما تجنح) بفتح النون وتضم أي وعلى ما تميل (إليه نفوسهم) أي من محبة الجاه والمال والجمال المتعلقة بالأمور الدنيوية الشاغلة عن المراتب الدينية والمناقب الأخروية (وأنّ صحّة إيمانهم) أي وأخبر في قوله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الآية أن صحته (بانقيادهم له) أي لأمره (ورضاهم بحكمه) أي فيما شجر بينهم (وترك الاعتراض عليه) أي فيما حكم لهم أو عليهم (وروي) كما في تفسير ابن المنذر (عن

<<  <  ج: ص:  >  >>