فحمد الله) أي شكره (وأثنى عليه) أي فيما أفاض إليه (ثمّ قال ما بال قوم) أي ما حالهم وشأنهم (يتنزّهون عن الشيء أصنعه) جملة وصفية أو حالية (فو الله إنّي لأعلمهم بالله وأشدّهم له خشية) إذ بقدر المعرفة بالله وصفاته تكون الخشية من عقوباته وحجاب حالاته ومقاماته كما يشير إليه قوله تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (وروي عنه صلى الله تعالى عليه وسلم) من حديث أبي الشيخ وأبي نعيم والديلمي (أنه قال: القرآن صعب) أي باعتبار مبناه (مستصعب) بكسر العين وتفتح أي باعتبار معناه (على من كرهه) أي ولم يتلذذ بمقتضاه ومفهومه أنه سهل متيسر على من أحبه وارتضاه كما يشير إليه قوله تعالى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فهو كالنيل ماء للمحبوبين ودماء للمحبوبين وشفاء للمؤمنين وشقاء للعاصين (وهو) أي القرآن (الحكم) بفتحتين الحاكم العدل والفاتح الفصل والجد الذي ليس فيه الهزل أو ذو الحكمة من كمال الفضل (فمن استمسك بحديثي) أي تعلق به من كمال رضاه (وفهمه) أي القرآن من جهة معناه (وحفظه) أي من جهة مبناه أي ضبط حكمه وراعاه (جاء) أي ورد يوم القيامة (مع القرآن) أي بعلمه وعمله بهما (ومن تهاون بالقرآن وحديثي) بأن لم يعمل بهما ولو حفظهما وفهمهما (فقد خسر الدّنيا والآخرة) أي وتلك الخسارة الظاهرة (أمرت أمّتي) بصيغة المجهول للتأنيث وفي نسخة بصيغة الفاعل المتكلم والأول هو الظاهر أي أمرهم الله (أن يأخذوا بقولي) أي اعتقادا لقوله تعالى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (ويطيعوا أمري) أي اعتمادا لقوله تَعَالَى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ (ويتّبعوا سنّتي) أي استنادا لقوله تعالى وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (فمن رضي بقولي) أي بحديثي (فقد رضي بالقرآن) وفي الكلام قلب للمبالغة أي فمن رضي بالقرآن فقد رضى بقولي ومن لم يرض بقولي فلم يرض بِالْقُرْآنِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(وقال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اقْتَدَى بِي فَهُوَ مِنِّي) أي متصل بي ومعي أو من أشياعي واتباعي وقد رواه عبد الرزاق في مصنفه من مراسيل الحسن إلا أنه بلفظ من استن بسنتي أي اتبعها وعمل بها فهو مني (ومن رغب عن سنّتي) يقال رغب في الشيء إذا أراده ورغب عنه إذا لم يرده والمعنى ومن مال عنها كراهة لها (فليس منّي) كما في الصحيحين (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كتاب الله تعالى) هذا مقتبس من قوله تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً (وخير الهدي) بالنصب ويجوز رفعه (هدي محمّد) وهو بفتح الهاء وسكون الدال فيهما بمعنى السمت والطريقة وضبط في بعض النسخ بضم الهاء وفتح الدال على أنه ضد الضلالة لقوله تعالى قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى والمعنى به سيرته السنية وطريقته الرضية وهيئته السوية (وشرّ الأمور) بالوجهين (محدثاتها) جمع محدثة بالفتح وهي البدعة التي تخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الدلجي لا أدري من روى هذا الحديث ولعله انكره من حيث اسناده إلى أبي هريرة وإلا فقد ورد من حديث جابر كما رواه أحمد ومسلم والنسائي