في الحديث نعوذ بالله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه من شر ما خلق وذرأ وبرأ والمراد ما أوجد من العدم (نفسا) أي شخصا ذا نفس (أكرم: عليه) أي أنفس عنده وأفضل لديه (من محمّد صلى الله تعالى عليه وسلم) ثم كان كالدليل عليه، (وما سمعت الله عز وجل) أي ما علمته (أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ) بجيم وزاء مفتوحتين بينهما واو ساكنة فألف بعده همزة أوس بن عبد الله الرابعي البصري يروي عن عائشة وغيرها وعنه قتادة وعدة أخرج له الجماعة الستة وأما أبو الحوراء بالحاء المهملة والراء فراوي حديث القنوت (مَا أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِ محمّد صلى الله تعالى عليه وسلم لأنّه أكرم البريّة عنده) والبرية بالهمزة والتشديد بمعنى الخليقة ومنه قوله تعالى أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وهي فعيلة بمعنى مفعولة وأنثت لأنها خرجت عن الصفة واستعملت استعمال الاسماء المخصة وأما ما جزم به المنجاني من أنها غير مهموزة فغفلة عن القراءة لأن نافعا وابن ذكوان قرآ في الآية بالهمزة (وقال تعالى: يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: ١- ٢] ) عطف على يس إن جعل مقسما به وإلا فواوه للقسم وأسند إليه الحكمة لأنه صاحبها أو ناطق بها (الآيات) أي إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
(اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى يس عَلَى أَقْوَالٍ) أي صدرت من بعض المتأخرين أقوال فالجمهور من السلف وجمع من الخلف على أن الحروف المقطعة في أوائل السور مما استأثر الله تعالى به علما ويقولون الله أعلم بمراده بذلك (فحكى أبو محمّد مكّيّ) وقد مر ذكره (أنّه روي) أي في دلائل أبي نعيم وتفسير ابن أبي مردويه من طريق أبي يحيى التيمي قيل وهو وضاع عن سيف بن وهب وهو ضعيف عن أبي الطفيل (عن النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لِي عِنْدَ رَبِّي عشرة أسماء) وهو لا ينافي الزيادة لأنها قاربت الخمسمائة (وذكر) أي ابو محمد مكي ويحتمل أن يكون مرفوعا لكن عبارته تأبى عنه وهي (أن منها:
طه، ويس، اسمان له) ومع هذا ليس الحديث المذكور بصحيح وقد ضعفه القاضي أبو بكر ابن العربي على ما ذكره المنجاني ثم قال وأما هذا القول وهو أنه اسم للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذهب إليه سعيد بن جبير وقد جاء في الشعر ما يعضده وذلك قول السيد الحميري.
يا نفس لا تمحضي بالنصح جاهدة ... على المودة إلا آل ياسينا
يريد إلا آل محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ويكون حرف النداء على هذا محذوفا من الآية وكان الأصل أن يكتب ياسين على أصل هجائها ولكن اتبعت في كتبها على ما هي عليه المصاحف الأصلية والعثمانية لما فيها من الحكمة البديعية وذلك أنهم رسموها مطلقة دون هجاء لتبقى تحت حجاب الاخفاء ولا يقطع عليها بمعنى من المعاني المحتملة ومما يؤيد هذا المعنى قوله تعالى سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ بمد الهمزة عل قراءة نافع وابن عامر