وقال الانطاكي وفي بعضها بكاء بالتخفيف فإن المشدد قد يخفف للوزن انتهى والصواب ما قدمناه كما لا يخفى (بالأسحار) ايماء إلى قوله تعالى وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ وإشارة إلى وصية لقمان لابنه يا بني لا يكن الديك أكيس منك ينادي بالأسحار وأنت نائم أي غافل عن البكاء والاستغفار (يا ليت شعري) أي أتمنى علمي وشعوري بغيبتي وحضوري (والمنايا أطوار) أي تارات جملة حالية بين المعمولين اعتراضية أفادت بها أن ما يحول بين المرء ومتمناه حالات شتى مختلفة بحسب تفاوتها في أطوار الموت وأسرار الفوت فإن المنايا جمع منية وهي الموت من منى الله عليك أي قدر ومن ثمه سمي منية لأنه مقدر بوقت معين وقد ورد أن منشدا أنشد للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم:
لا تأمنن وإن أمسيت في حرم ... حتى تلاقي ما يمني لك الماني
فالخير والشر مقرونان في قرن ... بكل ذلك يأتيك الجديدان
فقال صلى الله عليه وسلم لو أدرك قائل هذا الإسلام لأسلم والمعنى حتى تلاقي ما قدر لك المقدر وهو الله سبحانه تعالى وهي تريد والله أعلم لأن المنية تارة تأخذ الكرام وأخرى تبيد اللئام والمعنى ليت علمي حاضر أعلم به (هل تجمعني) بفتح الميم وضم العين وتخفيف النون وفي نسخة بفتح العين وتشديد ما بعدها (وحبيبي) بفتح الياء لغة لا كما قال الأنطاكي ضرورة (الدّار) يعني أم يحولن بيني وبينه المزار (تعني) أي المرأة بقولها حبيبي (النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) وبقولها الدار الجنة دار القرار (فجلس عمر رضي الله تعالى عنه يبكي) أي للاشتياق أو للفراق أو الافتراق (وفي الحكاية طول) أي ليس هذا مقام ايرادها (وروي) أي في عمل اليوم والليلة لابن السني (أنّ عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما خدرت رجله) بفتح معجمة وكسر مهملة أي فترت عن الحركة وضعفت باجتماع عصبها من جهة كسل وفتور أصابها كأنها رجل ناعس ولم يذهب ما بها (فَقِيلَ لَهُ اذْكُرْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ يَزُلْ عنك) بضم الزاء أي يزول عنك هذا الانقباض بسبب ما يترتب على ذكر المحبوب من الانبساط (فصاح) أي فنادى بأعلى صوته (يا محمّداه) بسكون الهاء للندبة وكأنه رضي الله تعالى عنه قصد به اظهار المحبة في ضمن الاستغاثة (فانتشرت) أي رجله في الفور (ولمّا احتضر بلال رضي الله تعالى عنه) بصيغة المفعول أي حضرته الوفاة وقاربه الممات (نادت امرأته) وهي صحابية على ما ذكره الذهبي في آخر النساء من التجريد ما لفظه زوجة بلال أتاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسأل عن بلال اثمه بلال (واحزناه) بضم حاء فسكون زاء ويجوز فتحهما وتصحف على الدلجي وضبط بفتح الحاء والراء وبالموحدة بدل النون قال وهو في الأصل النهب والسلب فكأنها لفجعها وحزنها بموته قد نهبت وسلبت (فقال) أي بلال (واطرباه) أي فرحاه وهو يؤيد ما قدمناه معنى وإن كان أنسب لما قاله الدلجي مبنى وفي نسخة بل وأطرباه بصريح الاضراب للابطال ثم رجز مناسبا للحال واستدلالا لذلك المقال (ألقى غدا) ويروى نلقى (الأحبة) بالهاء وقفا (محمّدا وصحبه) وفي نسخة صحيحة وحزبه وقد روي عن عمار أيضا أنه قال بصفين.