وعلى الأول تقديره هي (إِرَادَةِ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يعبّر عنها) أي عن تلك الجملة (بكلمة واحدة) أي غيرها بصيغة (تحصرها) أي تجمع معناها وتحصرها (ومعناها) أي النصيحة (في اللّغة) أي لسان العرب (الإخلاص) فمعنى النصيحة الحالة الخالصة مأخوذة (من قولهم) أي استعمال العرب في محاوراتهم (نصحت العسل إذا خلّصته) بالخطاب وهو بتشديد اللام أي ميزته بنار لطيفة (من شمعه) بفتح الميم ويسكن أي مومه ففي القاموس الشمع محركة وتسكين الميم مولد وهو الذي يستصبح به أو موم العسل الواحدة بهاء (وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْخَفَّافُ) بتشديد الفاء الأولى (النّصح) بضم النون (فعل الشيء الّذي فيه الصّلاح والملاءمة) أي المناسبة والمرابطة وقد تخفف الهمز ياء فيقال الملائمة وهي الموافقة بين الأشياء (مأخوذ من النّصاح) بكسر النون (وهو الخيط الّذي يخاط به الثّوب) أي يلائم بين أجزائه ويصلح للمرء أن يلبسه على أعضائه (وقال أبو إسحاق الزّجّاج نحوه) أي قريبا من معناه وفي الجملة من هذه المادة قوله تعالى تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً أي خالصة صالحة بأن تكون كاملة شاملة (فنصيحة الله تعالى) أي نصيحة العبد له سبحانه وتعالى (الاعتقاد له بالوحدانيّة) أي في الألوهية والربوبية (ووصفه بما هو أهله) أي من صفات الثبوتيه من الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام ونحوها (وتنزيهه) أي تبعيده (عمّا لا يجوز) أي اطلاقه (عليه) من النعوت السلبية فإنه ليس بجوهر ولا عرض ولا في مكان وغيرها (والرّغبة في محابّه) بتشديد الموحدة أي الميل في كل ما يحبه الله ويرضاه (والبعد من) وفي نسخة عن (مساخطه) أي والتبعد عن جميع ما يكرهه وينهاه (والإخلاص في عبادته) أي فيما يأمره الله من أمور دنياه وعقباه وما ذكر فهو في الحقيقة راجع إلى العبد في نصحه لنفسه لأنه تعالى غني عنه وعن عمله (والنّصيحة لكتابه: الإيمان به) أي أولا (والعمل بما فيه) ثانيا سواء كان عالما به أو جاهلا (وتحسين تلاوته) أي وتزيين قراءته (والتّخشّع عنده) أي اظهار الخشوع وإكثار الخضوع في حضرته (والتّعظيم له) أي لكتابه بأدب يقتضي إجلاله وبوصف يوجب اكماله (والتّفقّه فيه) أي طلب الفهم لمبانيه والعلم بمعانيه (والذّبّ عنه) أي الدفع عما لا يليق به وينافيه (من تأويل الغالين) بالغين المعجمة من الغلو أي المجاوزين عن الحد كالمعتزلة واضرابهم (وطعن الملحدين) أي من الزنادقة وأصحابهم (والنّصيحة لرسوله التّصديق بنبوّته) أي أولا (وبذل الطّاعة له) أي الانقياد لحكمه (فيما أمر به ونهى عنه قاله) أي جميع ما يتعلق بالنصيحة أو ما خص بها لرسوله وهو أقرب وإلى ما بعده أنسب (أبو سليمان) وهو الخطابي (وقال أبو بكر) أي الخفاف وقيل المراد به أبو بكر الآجري (وموازرته) أي النصيحة لرسوله هي معاونته ومعاضدته في دينه وملته (ونصرته) أي اعانته على أعدائه وأهل محاربته (وحمايته) أي المدافعة عنه وممانعة من أراد نوعا من اساءته (حيّا وميّتا) أي في حال حياته ومماته (وإحياء سنّته بالطّلب) أي بالعمل بها (والذّبّ عنها) أي وبالدفع لمن يلحد فيها أو يزيغ عنها (ونشرها) أي إظهارها للتمسك بها (والتّخلّق بأخلاقه الكريمة) أي الاتصاف بمحاسن شمائله وميامن